وقرأ الباقون: ﴿أنَّ غَصَبَ الله عليها﴾(١٣٢٤)
وثمرة الخلاف: أن الملاعِنَةَ مأمورةٌ بأن تذكر الصيغتين في المُلاعَنَة الخامسة فتقول: غضب الله علي إن كان (زوجي) من الصادقين، وإن غضب الله علي إن كان (زوجي) من الصادقين.
ومع ثبوت القراءتين تواتراً فقد أمر الفقهاء بأن تنطق إحدى الصيغتين لأنها تدل على أختها وتجزئ عنها. وبذلك فإن تعدد القراءتين بمنزلة تعدد الآيات بمنزلة تكرير الأمر به من المولى سبحانه.
ومن الفائدة في تعدد القراءة تحقيق الترهيب للملاعنة، إذ اشتملت قراءة تشديد (إن) على التوكيد بوقوع الغضب، كما جاءت قراءة (تخفيف إن) لتفيد تعجيل العقوبة على الملاعنة الكاذبة، فأخبرت بأن الله قد غضب عليها فور افترائها على زوجها بدون إبطاء.
وإنما فرق بين المتلاعنَين في الصيغة، فذكَّر الملاعِنَ باللعنة، وذكَّر الملاعنة بالغضب، لأن المرأة هنا هي سبب الفجور ومنبعه، بإطماعها الرجل في نفسها(١٣٢٤)، وغضب الله والعياذ بالله أشد نقمة من اللعنة أعاذنا الله منها جميعاً.
------------
(١٣٢٣) الشاعر هو الأعشى ميمون بين قيس البكري، من شعراء الجاهلية المجيدين، هم أن يدخل في الإسلام فثنته قريش عن عزمه، ومات كافراً عام ٧ هـ.
(١٣٢٤) انظر حجة القراءات لأبي زرعة بن زنجلة ط مؤسسة الرسالة ص ٤٩٨
وانظر سراج القاري لابن القاصح العذري ط البابي الحلبي ص ٣٠٢
وعبارة الشاطبي:
صحاب وغير الخفض خامسة الأخيـ ـر أن غضب التخفيف والكسر أدخلا
(١٣٢٤) التفسير المنير للزحيلي جـ١٨ ص ١٥٧
المبحث الخامس: في الجهاد
المسألة الأولى
قوله تعالى: ﴿ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه، فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين﴾(١٣٢٥).
قرأ الكوفيون إلا عاصماً(١٣٢٦) ﴿ولا تقتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقتلوكم فيه، فإن قتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين﴾ فحذفوا سائر ألفات المفاعلة في الآية.