ثمرة الخلاف: إن الله سبحانه أمرنا بالدخول في الإسلام، وهو ما دلت له قراءة الكسر كما حرره أبو عمرو البصري، فكان أبو عمرو يقرأ السلم حيث وردت في القرآن الكريم بالفتح إلا في هذا الموطن فإنها يقرؤها بالكسر ليشير إلى أن المراد هو الدخول في الإسلام(١٣٤٤).
كذلك فإن الله سبحانه أمرنا بالسعي إلى الموادعة والمسالمة والمصالحة، وهو ما دلت له قراءة الفتح كما اختار قتادة وجمع من السلف، وهذا مبدأ رئيس في الإسلام، يتوكد به سعيه في حقن الدماء ونشر الإسلام، وهي قراءة أهل المدينة ومكة والكسائي والكوفيين.
وليس بين القراءتين أدنى تعارض، بل إن تحقيق السلام في الأرض من أعظم مقاصد الإسلام، فتكون الآية هنا بمنزلة الآيتين، عملاً بقاعدة: تعدد القراءات ينزل منزلة الآيات، وهي مسألة حررناها في الباب الأول من هذه الدراسة.
وثمة سؤال آخر يرد في هذا المقام على من تأول السلم بمعنى الدخول في الإسلام، وهو: كيف يرد الأمر على الدخول في الإسلام، وإن المخاطبين بذلك مؤمنون، فكيف يقال للمؤمن آمن، أو للمسلم أسلم؟..
الجواب أن الإسلام منازل: أدناه قول الإعراب:
﴿قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم﴾(١٣٤٥)
وأعلاها قول الله عز وجل على لسان إبراهيم خليل الرحمن:
﴿ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك﴾(١٣٤٦).
------------
(١٣٣٩) سورة البقرة ٢٠٨
(١٣٤٠) تقريب النشر في القراءات العشر لابن الجزري ص ٩٤
وعبارة طيبة النشر:
.................................... وفتح السلم حرم رشفا
وانظر سراج القاري لابن القاصح العذري ص ١٦١
(١٣٤١) حجة القراءات لأبي زرعة بن زنجلة ص ١٣٠
(١٣٤٢) لسان العرب لابن منظور /مادة سلم/ جـ١٢ ص ٢٩٥ طبعة دار صادر
(١٣٤٣) جامع البيان في تفسير القرآن للطبري جـ٢ ص ١٨٩
(١٣٤٤) انظر تحرير ابن مجاهد لاختيارات أبي عمرو في هذه المراجع في كتابه: السبعة في القراءات