قال ابن قدامة في المغني: (قال أحمد: إن الدعوة قد بلغت وانتشرت، ولكن إن جاز أن يكون قوم خلف الروم وخلف الترك على هذه الصفة لم يجز قتالهم قبل الدعوة، وذلك لما روى بريدة قال: كان النبي - ﷺ - إذا بعث أميراً على سرية أو جيش أمره بتقوى الله في خاصته وبمن معه من المسلمين وقال: "إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال فأيتهن أجابوك إليها فاقبل منهم
وكف عنهم: ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، فإن هم أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية، فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، فإن أبوا فاستعن بالله عليهم وقاتلهم" رواه أبو داود ومسلم، وهذا يحتمل أنه كان في بدء الأمر قبل انتشار الدعوة وظهور الإسلام، فأما اليوم فقد انتشرت الدعوة فاستغنى بذلك عن الدعاء عند القتال، قال أحمد كان النبي - ﷺ - يدعو إلى الإسلام قبل أن يحارب حتى أظهر الله الدين وعلا الإسلام ولا أعرف اليوم أحداً يُدعى، قد بلغت الدعوة كل أحد، فالروم قد بلغتهم الدعوة وعلموا ما يراد منهم، وإنما كانت الدعوة في أول الإسلام، وإن دعا فلا بأس، وقد روى ابن عمر رضي الله عنه أن "النبي - ﷺ - أغار على بني المصطلق وهم غارون آمنون وإبلهم تسقى على الماء فقتل المقاتلة وسبى الذرية" متفق عليه، وعن الصعب بن جثامة قال سمعت رسول الله - ﷺ - يسأل عن الديار من ديار المشركين يبيتون، فيصيبون من نسائهم وذراريهم فقال: "هم منهم" متفق عليه، وقال سلمة بن الأكوع: "أَمَّر رسول الله - ﷺ - أبا بكر فغزونا ناساً من المشركين فبيَّتْناهم" رواه أبو داود. ويحتمل أن يحمل الأمر بالدعوة في حديث بريدة على الاستحباب، فإنها مستحبة في كل حال، وقد روى "أن النبي - ﷺ - أمر علياً حين أعطاه الراية يوم خيبر وبعثه إلى قتالهم أن يدعوهم وهم ممن بلغتهم الدعوة" رواه البخاري،


الصفحة التالية
Icon