وثمرة الخلاف: أن الآية نفت عن المسلمين وجوب النصرة لمن آمن ولم يهاجر، ونفت عنهم أيضاً حق الإرث فيهم، فكأنها قالت: ما لهم عليكم نصرة، وما لكم فيهم من ميراث، ولا يؤخذ هذان الحكمان من قراءة واحدة بل من القراءتين معاً.
وقد أُحْكِمتْ قراءة الجمهور، فيما نسخ حكم قراءة حمزة بعد أن عمل بها المسلمون زمناً حين أنزل الله توريث ذوي الأرحام.
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله - ﷺ - آخى بين المسلمين من المهاجرين والأنصار، فآخى بين حمزة بن عبد المطلب وبين زيد بن حارثة، وبين عمر بن الخطاب ومعاذ بن عفراء، وبين الزبير بن العوام وعبد الله بن مسعود، وبين أبي بكر الصديق وطلحة بن عبيد الله، وبين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع، وقال لسائر أصحابه تآخوا وهذا أخي يعني علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: فأقام المسلمون على ذلك حتى نزلت سورة الأنفال، وكان مما شدّد الله به عقد نبييه (قول الله تعالى: ﴿إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا﴾ إلى قوله: ﴿لهم مغفرة ورزق كريم﴾
فأحكم الله تعالى بهذه الآيات العقد الذي عقد رسول الله - ﷺ - بين أصحابه من المهاجرين والأنصار يتوارث الذين تآخوا دون من كان مقيماً بمكة من ذوي الأرحام والقرابات فمكث الناس على ذلك العقد ما شاء الله.
ثم أنزل الله الآية الأخرى. فنسخت ما كان قبلها فقال: ﴿والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض﴾ رجع كل رَجُلٍ إلى نسبه ورحمه وانقطعت تلك الوراثة.(١٤٢٤)
والخلاصة أن الآية يفهم منها معنيان:
الأول: الميراث هو قراءة الكسر.
الثاني: النصرة وهو قراءة الخفض.
فالأول باقٍ تلاوة منسوخ حكماً والثاني باقٍ تلاوة وحكماً.