﴿ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا﴾(١٤٢٧) وقد نفى إثبات التوارث بينهم بنفيه المولاة بينهم، وفي هذا دلالة على أن إطلاق لفظ المولاة يوجب التوارث وإن كان قد يختص به بعضهم دون جميعهم، على حسب وجود الأسباب المؤكدة له، كما أن النسب سبب يستحق به الميراث، وإن كان بعض ذوي الأنساب أولى به في بعض الأحوال لتأكد سببه، وفي هذا دليل على أن قوله تعالى ﴿ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً﴾ (١٤٢٨) موجب لإثبات القود لسائر ورثته وأن النساء والرجال في ذلك سواء لتساويهم في كونهم من مستحقي ميراثه، ويدل أيضاً على أن الولاية في النكاح مستحقة بالميراث، وإن قوله (: "لا نكاح إلا بولي"(١٤٢٩) مثبت للولاية لجميع من كان من أهل الميراث على حسب القرب وتأكيد السبب وأنه جائز للأم تزويج أولادها الصّغار إذا لم يكن أب، على ما يذهب إليه أبو حنيفة إذ كانت من أهل الولاية في الميراث.
وقد كانت الهجرة فرضاً حين هاجر النبي - ﷺ - إلى أن فتح النبي - ﷺ - مكة فقال: "لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية"(١٤٣٠) فنسخ التوارث بالهجرة بسقوط فرض الهجرة وأثبت التوارث بالنسب بقوله تعالى:
﴿وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله﴾(١٤٣١) قال الحسن(١٤٣٢): كان المسلمون يتوارثون بالهجرة حتى كثر المسلمون فأنزل الله تعالى: ﴿وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض﴾(١٤٣٣) فتوارثوا بالأرحام(١٤٣٤).
------------
(١٤٢٣) حجة القراءات لأبي زرعة بن زنجلة ط مؤسسة الرسالة ص ٣١٤
وانظر سراج القاري لابن القاصح العذري ط البابي الحلبي ص ٢٣٦
وعبارة الشاطبي:
ولا يتهم بالكسر فز وبكهفه شفا...................
(١٤٢٤) انظر الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي ط دار المعرفة جـ٣ ص ٢٠٥
ورواه كذلك ابن جرير الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، ومن طريق قتادة، وانظر كذلك فتح الباري للحافظ ابن حجر جـ٨ ص ٢٤٩


الصفحة التالية
Icon