قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزواً ولعباً من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء﴾(١٤٣٩)
قرأ أبو عمرو ويعقوب والكسائي: ﴿والكفارِ أولياء﴾ بخفض الراء
وقرأ الباقون: ﴿والكفارَ أولياء﴾ بفتح الراء(١٤٤٠)
فتكون قراءة الأولين بالخفض على تقدير (من) عاطفة، أي من الذين أوتوا الكتاب ومن الكفار.
وتكون قراءة الباقين بالفتح على أن (الكفار) معمول(لا تتخذوا) فتنصب به في محل المفعولية(١٤٤١).
ومؤدى قراءة أبو عمرو والكسائي أن كلاً من أهل الكتاب والكفار قد اتخذوا الدين هزواً ولعباً، فيما تدل قراءة الباقين أن المتصف بذلك هم أهل الكتاب وحدهم مع اشتراك القراءتين في التحذير من اتخاذ أي من الفريقين أولياء من دون المؤمنين.
ثمرة الخلاف: تبدو دلالة العبارة متحدة في كلا القراءتين، إذ مؤداهما إلى النهي عن موالاة الكفار واحد، إذا اتخذوا ديننا هزواً ولعباً.
ولكن دلالة الإشارة تختلف في الخبر، إذ تجعل الأولى (بالخفض) فريقاً من الكفار منهياً عن موالاته وهم الذين اتخذوا ديننا هزواً ولعباً، فيما تجعل الثانية (بالنصب) سائر الكفار منهياً عن موالاتهم، ولو لم يظهر منهم هزؤ ولعب بديننا وشريعتنا.
ولا شك أن هذا الاختصاص قيمته في التوكيد والتنبيه ليس إلا، وقد جاء التنزيل العزيز بالنهي عن موالاة سائر اليهود والنصارى وسائر المشركين في مقام آخر، قال الله سبحانه: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء، بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين﴾(١٤٤٢)
------------
(١٤٣٩) سورة المائدة ـ٥٧ -
(١٤٤٠) تقريب النشر في القراءات العشر لابن الجزري ص ١٨
وعبارة طيبة النشر:
............................. وخفض والكفار ميم حما عبد
(١٤٤١) حجة القراءات لأبي زرعة بن زنجلة ٢٣٠
(١٤٤٢) سورة المائدة ٥١
(فائدة)