﴿والذين آمنوا ولم يهاجروا مالهم من ولايتكم من شيء﴾ إذ هي خطاب تكليفي للمؤمنين، فلما جاءت الصيغة عكس ذلك، دل على أنها في غير النصرة، ﴿مالكم من ولايتهم من شيء﴾
ثالثها: الرواية عن الصحابة، وقد قدمت لك طرفاً مما جمعه السيوطي في ذلك(١٤٥٥)، وأنها نزلت فيما كان من التوارث بين المؤمنين، فنسخ برد المواريث إلى القرابات.
ومع ذلك فقد اختار أبو بكر الأصم أن الآية محكمة غير منسوخة، وأن المراد بالولاية النصرة والمظاهرة(١٤٥٦).
ونقل القرطبي نقلا غير معزو لأحد أنه ليس في الآية نسخ، إنما هي بمعنى النصرة والمعونة(١٤٥٧).
وثمرة الخلاف: وتظهر ثمرة الخلاف في أن الله عز وجل أسقط على المسلم الذي لم يهاجر حق النصرة وحق الميراث، فمن جزم أن الكسر يدل على الميراث وجبه أن يقبل الفتح أيضاً دليلاً على النصرة لثبوت التواتر، وهكذا فلا مناص للقول بأن الآية في نفي التوارث فقط بدليل قراءة الكسر، بل لا بد من نفي النصرة أيضاً بدليل قراءة الفتح المتواترة.
وأما من جعلهما لغتين في النصرة كأبي حاتم الأصم وابن بري ومن قبلهم سيبويه الذي قال: الولاية بالفتح المصدر، وبالكسر الاسم، مثل الإمارة والنقابة(١٤٥٨)، فإن مذهبهم هذا يجعل الخلاف هنا بلا ثمرة لأنهما لغتان في معنى واحد.
وأظهر تطبيقات ثمرة الخلاف هنا إلزام الكسائي بقبول دلالة الآية على نفي التوارث لأنه كان يجزم بالنصب على معنى النصرة، فحيث ثبت التواتر في قراءة الكسر وجب إلزامه بها أيضاً.
قال الفراء: مالكم من ولايتهم من شيء، أي مالكم من مواريثهم من شيء، فكسر الواو هنا أعجب إلي من فتحها، لأنها إنما تفتح أكثر ذلك إذا أريد بها النصرة، وقال: كان الكسائي يفتحها ويذهب بها إلى النصرة، وقال الأزهري: ولا أظنه علم التفسير أي الروايات(١٤٥٩).
------------
(١٤٤٩) سورة الأنفال ٧٢
(١٤٥٠) شرح ابن القاصح على الشاطبية ص ٢٣٦ المسمى سراج القاري