سيأتي في هذه الدراسة أنهم يقولون بمسح الأرجل في الوضوء، ولكن مع ذلك يقرؤون قراءة الجمهور، الآمرة بالغسل، وذلك موافقةً لرواية حفص التي يلتزمونها:
﴿فامسحوا برؤوسِكم وأرجلَكُم إلى الكعبين﴾.
وهو وجه ظاهر في التزامهم ما التزمه المسلمون من القراءة على رغم مخالفتهم في بعض الفروع الفقهية.
ويتضح مما سبق أن الأمة الإسلامية على اختلاف طوائفها تتفق في التسليم بأن القرآن الكريم المسطور بين الدفتين هو عين ما تلقاه النبي - ﷺ - من الوحي الأمين، وأن القراءات المتواترة لا تخرج في حرف من حروفها عن الرسم الذي كتبه عثمان رضي الله عنه في المصاحف، والذي يتفق المسلمون اليوم على أدق تفصيلاته، "فقد تكفل الله تعالى بحفظ القرآن أبد الدهر ﴿إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون﴾ (سورة الحجر: الآية ٩) والمعنى إنا للقرآن حافظون من أن يزاد فيه ما ليس منه أو ينتقص منه ما هو منه من أحكامه وحدوده وفرائضه(٩٩)
وهذا الحفظ أكد وثاقة النص القرآني مكتوباً ومقروءاً، سليماً من التغيير والتبديل منذ نزوله وحفظه بالاستظهار في الصدور والتدوين في الصحف وبقي المصحف كذلك لم يتغير فيه شيء غير تطور رسمه عبر العصور ولم يكن الاعتماد على مجرد حفظ الصدور وقراءة المصحف وفقه العمل والحكمة التي طبقها الرسول - ﷺ -.
قد حفظ القرآن بظهر الغيب رجال مؤمنون ونساء مؤمنات من لدن عصر الصحابة ومن تبعهم بإحسان وظل العدد يتنامى ويزيد على توالي القرون ورغم كل الظروف بما حقق تواتر نقله في الأجيال اللاحقة.
ويأتي دور الأجيال اللاحقة في فهم المعاني واستخراج الحكم، واستخلاص الحلول والمعالجات لمشكلات الحياة المتجددة مع تقديرنا لجهود السّلف الصالح.


الصفحة التالية
Icon