إما إن طلب المشركون الصلح بحسن نية من غير خداع فلا بأس بإجابتهم، لقوله تعالى: ﴿وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله﴾. وعلى هذا يكون كل من الآيتين: ﴿فلا تهنوا﴾ ﴿وإن جنحوا للسلم﴾ محكمة وغير منسوخ إحداهما بالأخرى كما قال بعضهم، فهما نزلتا في وقتين مختلفي الحال، فالأولى في حال قوة المسلمين، والثانية حال طلب الأعداء للصلح}.(١٤٦٨)
وشبيه بهذا الرأي ما حرره الشوكاني في فتح القدير بقوله: (فلا يخفاك أنه لا مقتضى للقول بالنسخ، فإن الله سبحانه نهى المسلمين في هذه الآية عن أن يدعوا إلى السلم ابتداء، ولم ينه عن قبول السلم إذا جنح إليه المشركون، فالآيتان محكمتان ولم يتواردا على محل واحد حتى يحتاج إلى دعوى النسخ أو التخصيص}.(١٤٦٩)
------------
(١٤٦٠) سورة محمد ـ٣٥ -
(١٤٦١) تقريب النشر في القراءات العشر لابن الجزري ص ١٧٤
وعبارة طيبة النشر:
............................. وفتح السلم حرم رشفا
عكس القتال........................................
فقد أخبر ابن الجزري أن القراء قرؤوا في البقرة بالفتح، وعكسوا في سورة القتال ـ أي سورة محمد - ﷺ - (١٤٦٢) لسان العرب لابن منظور جـ١٢ ص ٢٩٣ مادة سلم.
وانظر الكشاف للزمخشري جـ٣ ص ٥٣٩
(١٤٦٣) انظر ص ٦٩٢ من هذا البحث، حيث حررنا اختلافهم في تحديد معنى السلم في قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة﴾
(١٤٦٤) المصدر نفسه، والصفحة نفسها.
(١٤٦٥) وهو اختيار قتادة من التابعين كما قدمناه.
(١٤٦٦) حجة القراءات لأبي زرعة بن زنجلة ص ٦٧٠
(١٤٦٧) أغلب الظن أن ذلك خطأ من الناسخ، إذ كتب الإسلام بدلاً من الاستسلام. ولكن وهل عنه المحقق أيضاً.
(١٤٦٨) التفسير المنير للدكتور الزحيلي جـ٢٦ ص ١٣٥
(١٤٦٩) فتح القدير للشوكاني جـ٥ ص ٤١
المبحث السادس: في الأَيمان
المسألة الأولى
قوله تعالى: ﴿واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام﴾(١٤٧٠)


الصفحة التالية
Icon