قرأ حمزة: ﴿والأرحامِ﴾ بالخفض
وقرأ الباقون: ﴿والأرحامَ﴾ بالنصب(١٤٧١)
وتتجه قراءة حمزة إلى العطف على تقدير الخافض أي: تسألون به وبالأرحام، فيما يرى سائر القرار لزوم النصب على تقدير: واتقوا الله ـ أن تعصوه واتقوا الأرحام أن تقطعوها.
وقد ثار خلاف قديم حول قراءة حمزة قبل ثبوت تواترها، فأنكرها جماعة من المفسرين والنحاة.
قال الزجاج: الخفض في ﴿الأرحام﴾ خطأ في العربية، لا يجوز إلا في اضطرار الشعر، وخطأ في الدين لأن النبي - ﷺ - قال: "لا تحلفوا بآبائكم" (١٤٧٢)، ثم ناقش الأمر من جهة اللغة فقال: أما العربية فإجماع النحويين أنه يقبح أن ينسق باسم ظاهر على اسم مضمر في حال الخفض إلا بإظهار الخافض، فلا تقول: مررت به وزيد، ومررت بك وزيد، إلا مع إظهار الخافض: مررت بك وبزيد(١٤٧٣).
وقال المازني: الثاني في العطف شريك الأول، فإن كان الأول يصلح أن يكون شريكاً للثاني، وإلا لم يصلح أن يكون الثاني شريكاً له، فكما لا تقول: (مررت بزيد وكَ) فكذلك لا تقول: (مررت بك وزيد)(١٤٧٤).
وقد اشتد قوم في إنكار قراءة حمزة، حتى قال المبرد: (لو صليت خلف إمام يقرأ: ﴿واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحامِ﴾ لأخذت نعلي ومضيت)(١٤٧٥)
ولا يخفى أن هذا الإنكار إنما يسمع قبل ثبوت التواتر، أما بعد ثبوته فإن أعظم حجة في العربية إنما هو ورودها في التنزيل وقراءة النبي - ﷺ - لها.
وقد احتج من قرأ بالخفض بتواتر الإسناد وهو أقوى الأدلة بلا مراد، وكذلك احتجوا بأن عبد الله بن مسعود كان يقرؤها: ﴿واتقوا الله الذي تساءلون به وبالأرحام﴾(١٤٧٦) على سبيل التفسير والإيضاح.