كذلك فإن إنكار عطف الظاهر على المضمر ليس في مطلق الأحوال، وإنما ينكر عطف الظاهر على المضمر إذا لم يجر له ذكر، فتقول: (مررت به وزيد) فذلك غير مستقيم، أما إن تقدم للهاء ذكر فهو حسن، وذلك مثل: (عمرو مررت به وزيد) فكذلك الهاء في قوله: ﴿تساءلون به﴾ تقدم ذكرها وهو قوله تعالى:
﴿واتقوا الله﴾(١٤٧٧).
وأما ورود ذلك في الشعر فهو غير منكر مطلقاً كقول الأعشى:
فاليوم أصبحت تهجونا وتشتمنا فاذهب.. فما بك والأيام من عجب(١٤٧٨)
ويجاب أيضاً عن دعوى ردّ قراءة حمزة، بأن تحريم الحلف بغير الله ليس محل إجماع، بل الإجماع أنه لا ينعقد (١٤٧٩)، وعدم انعقاده شيء، ومنع التلفظ به شيء آخر، وفرق كبير بين المسألتين.
إلى ذلك فقد روى الشيخان وأحمد عن طلحة بن عبيد الله أن النبي - ﷺ -: أتاه أعرابي فسأله مسائل.. فلما انصرف قال النبي - ﷺ -: (أفلح وأبيه إن صدق)(١٤٨٠).
واستدلوا لذلك بما جاء في القرآن من قسم بالنبي - ﷺ - في قوله سبحانه:
﴿لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون﴾(١٤٨١)
وكذلك في قوله: ﴿والقرآن الحكيم﴾(١٤٨٢)
﴿والصافات صفاً * والزاجرات زجزاً * فالتاليات ذكراً﴾(١٤٨٣)
﴿والذاريات ذرواً * فالحاملات وقراً * فالجاريات يسراً﴾(١٤٨٤)
﴿والتين والزيتون * وطور سينين *وهذا البلد الأمين﴾(١٤٨٥)
ومثل ذلك في القرآن كثير، ولم يرد مخصص ظاهر في هذا السبيل.
وفي حديث أبي العشراء قال (: "وأبيك.. لو طعنت في فخذها لأجزأك"(١٤٨٦).
ولكن الفقهاء يرون أن المخصِّص هو السنة، فقد ثبت في الصحيحين أن النبي - ﷺ - أدرك عمر بن الخطاب في ركب، وعمر يحلف بأبيه، فناداهم رسول الله - ﷺ -: "ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت"(١٤٨٧) وهذا حصر في عدم الحلف بكل شيء سوى الله تعالى وأسمائه وصفاته.


الصفحة التالية
Icon