وأجابوا عن قوله (: "أفلح وأبيه إن صدق" بأنه ورد قبل النهي عن الحلف بالآباء، وكذلك حديث أبي العشراء(١٤٨٨).
وهذا النهي يؤدي بالإجماع إلى عدم انعقاد اليمين، ولكن هل يدل على تحريمه؟
لا خلاف إن قصد تعظيم المحلوف وتقديسه وإحلاله محل الله عز وجل فهو شرك وكفر، وعليه تحمل الأحاديث الشديدة في ذلك(١٤٨٩): "من حلف بغير الله فقد أشرك"(١٤٩٠) "لا تحلفوا بآبائكم ولا بالطواغيت"(١٤٩١)
أما إن كان مما يجري به اللسان، ولا يقصد المرء إيقاعه، فغاية القول فيه أن لا ينعقد، وقد كرهه الفقهاء، وقال الشافعي أخشى أن يكون معصية، ولا يجب عليه كفارة(١٤٩٢).
ونقل الزحيلي الإجماع على عدم انعقاده بقوله: (إذا حلف الإنسان بغير الله تعالى كالإسلام أو بأنبياء الله تعالى أو بملائكته... أو بالصحابة أو بالسماء أو بالأرض أو بالشمس أو بالقمر والنجوم ونحوها مثل: لعمرك وحياتك وحقك فلا يكون يميناً بإجماع العلماء وهو مكروه)(١٤٩٣).
واختار الشافعية كذلك المنع من الحلف بغير الله، قال السيد البكري: (لا ينعقد اليمين إلا باسم خاص بالله تعالى أو صفاته؟: والله والرحمن والإله ورب العالمين وخالق الخلق).
ثم قال: (فإذا قصد تعظيم المحلوف به فقد كفر لخبر: "من حلف بغي الله فقد كفر)(١٤٩٤) فإن لم يقصد ذلك أثم أكثر العلماء أي تبعاً لنص الشافعي الصريح فيه (١٤٩٥)، كذا قاله بعض شراح المنهاج(١٤٩٦)، والذي في شرح مسلم(١٤٩٧) عن أكثر أصحاب الشافعي الكراهة، وهو المعتمد، وإن كان الدليل ظاهراً في الإثم، قال بعضهم: وهو الذي ينبغي العمل به في غالب الأعصار)(١٤٩٨).