﴿عقدَّتم﴾ بالتشديد قد قرأه جماعة و﴿عَقَدْتم﴾ خفيفة ﴿وعَاقدتم﴾ فقوله تعالى ﴿عَقَّدتم﴾ بالتشديد كان أبو الحسن يقول لا يحتمل إلاَّ عقد قول﴿وعقدتم﴾ بالتخفيف يحتمل عقد القلب، وهو العزيمة والقصد إلى القول، ويحتمل عقد اليمين قولاً، ومتى احتمل إحدى القراءتين القول واعتقاد القلب ولم يحتمل الأخرى إلا عقد اليمين قولاً وجب حمل ما يحتمل وجهين على ما لا يحتمل إلا وجهاً واحداً، فيحصل المعنى من القراءتين عقد اليمين قولاً، ويكون حكم إيجاب الكفارة مقصوراً على هذا الضرب من الأيمان، وهو أن تكون مقصودة، ولا تجب في اليمين على الماضي لأنها غير مقصودة، وإنما هو خبر عن ماض، والخبر عن الماضي ليس بعقد سواء كان صدقاً أو كذباً. فإن قال قائل إذا كان قوله تعالى: ﴿عقدتم﴾ بالتخفيف يحتمل اعتقاد القلب ويحتمل عقد اليمين فهلا حملته على المعنيين إذ ليسا متنافيين، وكذلك قوله تعالى ﴿بما عَقَّدتم﴾ بالتشديد محمول على عقد اليمين فلا ينفي ذلك استعمال اللفظ في القصد إلى اليمين فيكون عموماً في سائر الأيمان، قيل له: لو سلم لك ما ادعيت من الاحتمال لما جاز استعماله فيما ذكرت، ولكانت دلالة الإجماع مانعة من حمله على ما وصفت، وذلك أنّه لا خلاف أن القصد إلى اليمين لا يتعلق به وجوب الكفارة، وإن حكم إيجابها متعلق باللفظ دون القصد في الأيمان التي يتعلق بها وجوب الكفارة، فبطل بذلك تأويل من تأول اللفظ على قصد القلب في حكم الكفارة وثبت أن المراد بالقراءتين جميعاً في إيجاب الكفارة هو اليمين المعقودة على المستقبل، فإن قال قائل قوله ﴿عَقَّدتم﴾ بالتشديد يقتضي التكرار، والمؤاخذة تلزم من غير تكرار فما وجه اللفظ المقتضي للتكرار مع وجوب الكفارة في وجودها على غير وجه التكرار؟. قيل له قد يكون تعقيد اليمين بأن يعقدها في قلبه ولفظه، ولو عقد عليها في أحدهما دون الآخر لم يكن تعقيداً، إذ هو كالتعظيم الذي يكون تارة بتكرير الفعل والتضعيف، وتارة