وقد كان لهذه التوجيهات أعظم الأثر في إصلاح النظام القضائي، وإيجاد قضاء عادل حر نزيه في المجتمع الإسلامي.
وأورد لك فيما يلي طرفاً من التوجيهات النبوية التي جاءت مؤكدة لمسؤولية القاضي في التحقق والتثبت والحكم بالعدل.
أخرج الترمذي عن عبد الله بن أبي أوفى قال: قال رسول الله - ﷺ -: "إن الله مع القاضي ما لم يجر، فإذا جار تخلى عنه ولزمه الشيطان"(١٥٢٤)
وأخرج أبو داوود في سننه عن بريدة بن الحصيب أن رسول الله - ﷺ - قال: "القضاة ثلاثة: واحد في الجنة، واثنان في النار، فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحق وقضى به، ورجل عرف الحق فجار في الحكم فهو في النار، ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار"(١٥٢٥).
وفي بيان عظيم مسؤولية القاضي قال رسول الله - ﷺ -: "من جعل قاضياً بين الناس، فقد ذبح بغير سكين"(١٥٢٦)
ثمرة الخلاف: أفادت قراءة حمزة والكسائي وجوب التثبت على القاضي العادل، وهو كما قدمنا معنى يغلب في التحقق من الذوات والشخوص والأعيان، وفي ذلك تقرير لجانب مهم من أصول التقاضي، إذ ينبغي التحقق من شخصية المتخاصمين ومداركهم العقلية والاجتماعية وصلاحيتهم للأهلية والتزام التكاليف.
كما دلت قراءة الباقين على وجوب التحقق من الأحداث والوقائع، لئلا يأخذ القاضي أحداً بجريرة أحد، وهو ما دلت له قراءة ﴿فتبينوا﴾.
ومن نافلة القول هنا أن نشير إلى أن القراءتين متواتران إسناداً، موافقتان للرسم العثماني قبل النقط، موافقتان للعربية.
------------
(١٥١٨) سورة الحجرات ـ٦ -
(١٥١٩) تقريب النشر في القراءات العشر لابن الجزري ص ١٠٧
وعبارة الطيبة:........................... تثبتوا شفا من الثبت معا
مع حجرات ومن البيان...........
(١٥٢٠) سورة النساء ـ٩٤ -
(١٥٢١) انظر ص ٦٩٥ من هذا الكتاب
(١٥٢٢) جامع البيان للطبري جـ٢٦ ص ٧٦
(١٥٢٣) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي جـ١٦ ص ٣٢٠


الصفحة التالية
Icon