والمصحف العثماني وثيقة من أهم وثائق تاريخ العرب إن لم نقل إنها أهمها على الإطلاق، حيث قامت عليها ألوف الدراسات والبحوث خلال التاريخ الإسلامي.
وقد كتب عثمان ستة مصاحف وزعها في الأمصار واحتفظ لنفسه بمصحف واحد منها، وهو الذي كان بيده عند استشهاده.
ولكن هذا المصحف وقرناءه من المصاحف الستة غير موجودة بأيدي الناس اليوم، ويتنازع شرف الانتساب إليها ثلاثة مصاحف(١٥٢٧):
١ - مصحف المشهد الحسيني بمصر بالقاهرة، وهو الذي نقل إلى المشهد المذكور عام ١٣٠٤ هجري.
٢ - مصحف استنبول بتركيا، وهو محفوظ في متحف طوب قابوسراي، وهو مكتوب على الرق، وعليه قطرات حمراء.
٣ - مصحف طشقند في أوزبكستان، وهو موجود بحوزة الإدارة الدينية بطشقند، مكتوب على الرق، عدد ورقاته ٣٥٣ ورقة، بقياس ٦٨ ٥٣ سم وقد نقل إلى طشقند عام ١٨٦٩ م.
وليس هذا محل مناقشة ثبوت هذه المصاحف، والاستدلال والتأريخ لها، فقد تكفلت بذلك دراسات عديدة، يمكن مراجعتها.
ولكن الذي أقترحه في هذا السبيل هو إصدار مصحف عثمان مرة أخرى إما استنساخاً(١٥٢٨) عن أحد هذه المصاحف، أو استكتاباً عنها وفق ما قرره علماء الرسم في مصنفاتهم، بدون نقط ولا شكل، وفق الكتبة الأولى، وإتاحة ذلك لعامة المتعلمين والمشتغلين بخدمة القرآن الكريم.
وهكذا فإن توفير هذه النسخ بين أيدي الباحثين يخفف عنهم عناءً كبيراً في تحقيق النصوص، ويساعدهم على تصور الكتبة الأولى، وما نشأ عليها من خدمات، وهذا بلا شك تقدم كبير، نتجاوز به الدور التراثي والجمالي المحدود، التي تقدمه مصاحف القاهرة واستنبول وطشقند، إن صحت نسبتها إلى العهد العثماني.