ولا نحتاج بعدئذ إلا إلى إضافة ملحق من صفحة واحدة، يتضمن المواضع التسعة والأربعين التي اختلفت فيها مصاحف الأمصار، تحقق ذلك في هذه الدراسة، ونكون حينئذ قد وفرنا بين أيدي الباحثين الوثائق الأمّ التي لا غنى لباحث عنها، والتي تقطع بكل توكيد ذلك الجدل المستمر حول موافقة أو مخالفة الرسم لاتجاه معين في الأداء.
ولن يكون لهذا العمل فائدة حقيقة إلا إذا صدر عن جهة مرجعية مختصة بخدمة القرآن الكريم، ولست أرى هذه الخصائص تتوفر في جهة إسلامية كتوفرها في جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية التي أشرف برفع هذه المذكرة إليها.
رابعاً: مشروع إحياء الروم في النطق العربي
سبق أن عرضنا في حديث في باب قواعد القراء لمبحث الروم(١٥٢٩)، والروم هو الإتيان ببعض الحركة عند الوقوف للدلالة عليها، والقاعدة العامة لاتكون إلا فيما حقه الضم أو الخفض إذا وقفت عليه بالسكون.
فتروم في مثل: نستعينُ ـ المجيدِ
ولا تروم في مثل: المستقيمَ
ولا وجه للروم في الساكن سكوناً أصلياً كما في: قم فأنذرْ
وقد نص في الشاطبية على أن الروم مذهب أبي عمرو وعاصم وحمزة والكسائي ولكن المختار أنه مذهب عام لجميع القراء على سبيل التخيير(١٥٣٠).
والواقع أن هذا اللون من الأداء مهجور تماماً في صنيع القراء والنحاة اليوم، ولست أدري لذلك سبباً بعينه، غاية الأمر أنهم اكتفوا بعبارة: العرب لا تقف على متحرك، فألزموا الوقف بالسكون، وهي قاعدة ليست صحيحة على إطلاقها، فثمة ثمانية أشكال من الوقف عند العرب، سبق أن بسطت القول فيها، في قاعدة الروم والإشمام عند القراء(١٥٣١).
والحق أن النطق بالروم يعود بفوائد مؤكدة في النطق، سيما إذا كانت فيه تجلية مشتبه، أو كشف مهم. فمن ذلك في القرآن الكريم:
﴿يا مريم إن الله اصطفاكِ وطهركِ واصطفاكِ﴾(١٥٣٢) وذلك إن وقفت على أحد هذه الكافات الثلاث.
﴿فلما جاءت قبل أهكذا عرشكِ﴾


الصفحة التالية
Icon