انتشر الصحابة في الأمصار وتلقى الناس عنهم مذاهبهم في القراءة، واشتغل بالإقراء عن الصحابة أولاً كبار التابعين أمثال عبد الرحمن بن هرمز الأعرج(١٠١) وسعيد بن المسيب(١٠٢) وشيبة بن نضاح(١٠٣) ويزيد بن رومان(١٠٤) ومجاهد بن جبر(١٠٥) المكي ودرباس(١٠٦) مولى ابن عباس والحسن(١٠٧) البصري وأبي العالية(١٠٨) رفيع بن مهران الرياحي وحميد بن قيس(١٠٩) الأعرج المكي والمغيرة(١١٠) بن أبي شهاب المخزومي وزر بن حبيش(١١١) وأبي عبد الرحمن السلمي(١١٢) والأعمش سليمان بن مهران(١١٣) ومحمد الباقر(١١٤) وعلي زين العابدين(١١٥) وغيرهم.
وليس في الإمكان استقصاء أسماء هؤلاء الأئمة إذ كل مسلم اشتغل بالعلم في عصر السلف ـ وما أكثرهم ـ كان راوية للقرآن الكريم، وعن هؤلاء أخذ الأئمة فيما بعد.
وسنأتي على بيان أسانيد الأئمة في الفصل المخصص لذلك في باب أسانيد القراء.
وقد أحصى ابن الجزري أسماء أئمة القراءة بين الأئمة العشرة والصحابة في كتابه المسمى: غاية النهاية في أسماء رجال القراءات أولي الرواية والدراية.
ولكن هؤلاء الأئمة على كثرتهم وتقدمهم في العلم لم ينالوا شرف نسبة القراءة إليهم وكان علينا أن ننتظر جيلاً آخر أو جيلين اثنين، حتى نسعد بالأئمة العشرة الذين نسبت إليهم القراءات المتواترة.
وإنما نسبت القراءات المتواترة إلى هؤلاء الأئمة العشرة دون سواهم لأن الحاجة لم تكن توافرت بعد للتمييز بين المتواتر وسواها، إذ مراجع الأمة متوافرون، والعهد قريب، فلما اختلط الصحيح بالسقيم جدَّت الحاجة لوضع ضوابط(١١٦) يمتاز بها المتواتر من غيره، وحين وضعت هذه الشروط لم نجد بالاستقراء من التزمها وضبط قراءته بها إلا هؤلاء الأئمة العشرة.