المبحث الأول: تمهيد في موثوقية النص القرآني
أنزل الله سبحانه القرآن الكريم رسالة عامة خاتمة، وجعل فيها سعادة الدارين، وحدد للناس منهج حياتهم في الدنيا والآخرة.
ولن تجد في وصف هذا الكتاب العظيم أبلغ من قول الله عز وجل:
﴿لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله، وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون﴾(٣).
وأوجز النبي - ﷺ - خصائص هذا الكتاب العظيم بقوله:
"كتاب الله، فيه نبأ من قبلكم، وخبر من بعدكم، وحكم ما بينكم، وهو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله ومن ابتغى الهدى من غيره أضَلَّهُ الله وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تشبع منه العلماء، ولا تلتبس به الألسن، ولا يخلق عن الرَّد، ولا تنقضي عجائبه، هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته عن أن قالوا: إنا سمعنا قرآناً عجباً يهدي إلى الرشد، من قال به صدق ومن حكم به عدل، ومن عمل به أجر، ومن دعا إليه هُديَ إلى صراطٍ مستقيم" (٤).
وفي رواية:
"إن القرآن لا يليه من جبار فيعمل بغيره إلا قصمه الله، ولا يبتغي علماً سواه إلا أضله الله، ولا يخلق عن رده، وهو الذي لا تفنى عجائبه، من يقل به صدق، ومن يحكم به يعدل، ومن يعمل به يؤجر، ومن يقسم به يقسط" (٥).
وفي رواية:
"كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم، ونبأ ما هو كائن بعدكم، وفيه الحكم بينكم، وهو حبل الله المتين، وهو النور المبين، وهو الصراط المستقيم، وهو الشفاء النافع، عصمة لمن تمسك به، ونجاة لمن اتبعه، لا يعوج فيقوم، ولا يزيغ فيستعتب" (٦).
وقد أجمع العلماء على مبدأ عصمة النص القرآني من الزيغ والعبث والأهواء، وأيقن الباحثون أن النص الذي تنزل به جبريل الأمين على النبي - ﷺ - هو النص عينه الذي قرأ الناس في القرون الخالية وهو الذي يقرؤه الناس اليوم.


الصفحة التالية
Icon