ومع أن كثيراً من الباحثين الغربيين تناولوا بالنقد والتحليل والجرأة سلامة النصوص المقدسة، وجزموا بتحريف كثير منها غير أنهم لم يطالوا بنقدهم سلامة النص القرآني إلا ما كان من بعض أصحاب الهوى الذين لم يجدوا من يهتم بأقوالهم وأفكارهم التي تفتقر إلى أدنى درجات التحقيق العلمي.
ولعل أوضح تجربة معاصرة في هذا الاتجاه هي ذلك البحث العلمي الرصين الذي قام به المفكر الفرنسي موريس بوكاي تحت عنوان: دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديث، والذي انتهى من خلاله وعلى طريقة البحث الموضوعي المجرد إلى إثبات التحريف في التوراة والإنجيل ثم إثبات سلامة النص القرآني من أي تبديل أو تحريف أو تغيير.
وقد لخص موريس بوكاي نتيجة بحثه بقوله:
"إن لتنزيل القرآن تاريخاً يختلف تماماً عن تاريخ العهد القديم والأناجيل. فتنزيله يمتد على مدى عشرين عاماً تقريباً وبمجرد نزول جبريل به على النبي - ﷺ - كان المؤمنون يحفظونه عن ظهر قلب، بل قد سجل كتابة حتى في حياة محمد - ﷺ -. إن التجمعات الأخيرة للقرآن التي تمت في خلافة عثمان، فيما بين اثني عشر عاماً وأربعةٍ وعشرين عاماً بعد وفاة النبي - ﷺ - قد أفيدت من الرقابة التي مارسها هؤلاء الذين كانوا يعرفون النص حفظاً. بعد أن تعلموه في نفس زمن التنزيل وتلوه دائماً فيما بعد، ومعروف أن النص منذ ذلك العصر قد ظل محفوظاً بشكل دقيق، وهكذا فإن القرآن لا يطرح مشاكل تتعلق بالصحة.