منها: لما ذكر الله المنافقين وذمهم، واستثنى منهم التائبين، فقال: ﴿ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [ النساء: ١٤٦ ]، فلما أراد الله أن يحكم لهم بالأجر لم يقل: وسوف يؤتيهم أجراً عظيماً، بل قال: ﴿ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً ﴾، ليشملهم وغيرهم من كل مؤمن، ولئلا يظن اختصاص الحكم بهم(١).
ولما قال: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ ﴾ [ النساء: من الآية١٥٠ ]، إلى قوله:﴿ أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً ﴾ [ النساء: ١٥١ ]،.
لم يقل: وأعتدنا لهم، للحكمة التي ذكرناها، ومثله: ﴿ قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا ﴾ [ الأنعام: من الآية٦٤ ]، أي: هذه الحالة التي وقع السياق لأجلها ﴿ وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ﴾ [ الأنعام: من الآية٦٤ ]،.
القاعدة الثامنة والأربعون: متى علق الله علمه بالأمور بعد وجودها، كان المراد بذلك العلم الذي يترتب عليه الجزاء
وذلك أنه قد تقرر في الكتاب والسنة والإجماع أن الله بكل شيء عليم، وأن علمه محيط بالعالم العلوي والسفلي، والظواهر والبواطن والجليات والخفيات والماضي والمستقبل، وقد علم ما العباد عاملون قبل أن يعملوا الأعمال.
وقد ورد عدة آيات يخبر بها أنه شرع وقدر كذا؛ ليعلم كذا.