ومن الحياة الطيبة التي يرزقونها: ذوقُ حلاوة الطاعات، واستعذاب المشقات في رضا الله تعالى، فهذه الأحوال كلها خير للمؤمن، إن سهل الله له طريق العبادة وهونها حَمِدَ اللهَ وشكره، وإن قامت العقبات صبر في اقتحامها، واحتسب الخير في عنائه وجهاده ورجا عظيم الثواب، وهذا المعنى في القرآن في آيات متعددة، والله أعلم(١).
القاعدة الرابعة والخمسون: كثيراً ما ينفي الله الشيء لعدم فائدته وثمرته المقصودة منه، وإن كانت صورته موجودة
وذلك أن الله خلق الإنسان وركب فيه القوى، من السمع والبصر والفؤاد وغيرها ليعرف بها ربه ويقوم بحقه، فهذا المقصود منها، وبوجود ما خلقت له تكمل ويكمل صاحبها.
وبفقد ذلك يكون وجودها أضر على الإنسان من عدمها، فإنها حجة الله على عباده، ونعمته التي توجد بها مصالح الدين والدنيا، فإما أن تكون نعمة تامة إذا اقترن بها مقصودها أو تكون محنة وحجة على صاحبها إذا استعملها في غير ما خلقت له. ولهذا كثيراً ما ينفي الله تعالى هذه الأمور الثلاثة عن أصناف الكافرين بها المكبلين بسلاسل وأغلال التقليد الأعمى للأباء والسادة والرؤساء، المنسلخين من آيات الله، وإن تسموا بأسماء إسلامية ولبسوا ثياباً وألقاباً علمية، فهم المعنيون في كلام الله بوصف الكفار والمنافقين.

(١) يقول الشيخ ابن عثيمين: " خلاصة هذه القاعدة أن الأجر على قدر المشقة، وفيها أيضا بيان المنة على العباد بتسهيل الطاعات، وأن تسهيل الطاعات من آثار رحمته"


الصفحة التالية
Icon