أيْ: باشروا عمله ﴿ وَآَثَارَهُمْ ﴾، التي ترتبت على أعمالهم من خير وشر في الدنيا والآخرة، وقال في المجاهدين: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَطَأُونَ مَوْطِئاً يُغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾، [ التوبة: ١٢٠ ]، فكل هذه الأمور من آثار عملهم ثم ذكر أعمالهم التي باشروها بقوله: ﴿ وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾، [ التوبة: ١٢١ ]،.
والأعمال التي هي من آثار عمل العبد نوعان:
أحدهما: أن تقع بغير قصد من الإنسان، كأن يعمل أعمالاً صالحة خيرية، فيقتدي به غيره في هذا الخير، فإن ذلك من آثار عمله وكمن يتزوج بقصد الإعفاف فقط، فيعطيه الله أولاداً صالحين ينتفع بهم وبدعائهم.
والثاني: وهو أشرف النوعين: أن يقع ذلك بقصده، كمن علم غيره علماً نافعاً فنفس تعليمه ومباشرته له من أجل الأعمال، ثم ما حصل من العلم والخير المترتب على ذلك، فإنه من آثار عمله.
وكمن يفعل الخير ليقتدي به الناس، أو يتزوج للعفة ولحصول الذرية الصالحة، فيحصل مراده، فإن هذا من آثار عمله، وكذلك من يزرع زرعاً أو يغرس غرساً أو يباشر صناعة مما ينتفع بها الناس في أمر دينهم ودنياهم، وقد قصد بذلك حصول النفع له ولغيره، فما ترتب من نفع على هذا العمل فإنه من آثار عمله، وإن كان يأخذ على عمله أجراً وعوضاً، فإن الله يدخل بالسهم الراحد الجنة ثلاثة: صانعه وراميه والممد به(١)
ولقد أورد المؤلف هنا ثلاثة أمور، وقد جعلها ابن عثيمين أربعة أمور هي: ١- يكتب للعبد عمله الذي باشره. ٢- يكمل له ما شرع فيه ولم يكمله. ٣- يكتب له ما نشأ من عمله. ٤- ويكتب له ما تركه لعذر وكان يعمله.