وهو في القرآن كثير جداً، كانتقاله من ذكر هبة الولد لزكريا على كبره وعقم زوجته، إلى ذكر مريم وعيسى، وكذلك أمر بالتوجيه إلى الكعبة بعد أن قرر في الآيات السابقة حرمتها وعظمتها، وهذا في القرآن كثير.
القاعدة الحادية والستون: معرفة الأوقات وضبطها حث الله عليه، حيث يترتب عليه حكم عام أو حكم خاص
وذلك أن الله رتب كثيرأ من الأحكام العامة والخاصة على مُدد وأزمنة تتوقف الأحكام عملاً وتنفيذاً على ضبط تلك المدة وإحصائها وتحديدها.
قال تعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ﴾، [ البقرة: ١٨٩ ]،.
فقوله: ﴿ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ ﴾، يدخل فيه مواقيت الصلوات والصيام والزكاة والعقود وغيرها، وخص بالذكر الحج لكثرة مل يترتب عليه من الأوقات العامة والخاصة. وكذلك مواقيت للعدد والديون والإجارات وغيرها، قال تعالى لما ذكر العدة: ﴿ وَأَحْصُوا العِدَّةَ ﴾، [ الطلاق: ١ ]، وقوله في الصيام: ﴿ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾، [ البقرة: ١٨٤ ]، وقال تعالى: ﴿ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ﴾، [ البقرة: ٢٢٦ ]، ﴿ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً ﴾،
[ النساء: ١٠٣ ]، وقال تعالى:﴿ ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَداً ﴾، [ الكهف: ١٢ ]،. وذلك لمعرفة كمال قدرة الله في إفاقتهم، فلو استمروا على نومهم لم يحصل الاطلاع على شيء من ذلك من قصتهم، فمتى ترتب على ضبط الحساب وإحصاء المدة، مصلحة في الدين والدنيا، كان مما حث وأرشد إليه القرآن.
ويقارب هذا المعنى: قوله تعالى:﴿ أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا ﴾،
[ البقرة: ٢٥٩ ]، الآية، وقوله:﴿ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ﴾ [ الإسراء: ١٢ ]، ونحوها من الآيات.