وكذلك ما أمر به من الصلاح والإصلاح، وما نهى عنه من الفساد والإفساد مطلقاً، يدخل فيه كل صلاح كما يدخل في النهي كل فساد كذلك.
وكذلك قوله ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [البقرة: ١٩٥] ﴿ وَأَحْسِنُوا ﴾ [البقرة: ١٩٥]، ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى ﴾ [يونس: ٢٦]﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإحْسَانِ إِلَّا الْإحْسَانُ ﴾ [الرحمن: ٦٠]
يدخل في ذلك كله الإحسان في عبادة الخالق بأن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، والإحسان إلى المخلوقين بجميع وجوه الإحسان من قول وفعل وجاه، وعلم ومال وغيرها.
وكذلك قوله تعالى: ﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ ﴾ [التكاثر: ١] فحذف المتكاثَر به ليعم جميع ما يقصد الناس فيه المكاثرة: من الرياسات والأموال والجاه والضيعات والأولاد، وغيرها مما تتعلق به أغراض النفوس فيلهيها ذلك عن طاعة الله.
وكذلك قوله تعالى ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾ [العصر: ١، ٢] أي في خسارة لازمة من جميع الوجوه إلا من اتصف بالإيمان والعمل الصالح، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر.
وقوله ﴿ فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: ٤٣] فذكر المسئولين وأطلق المسئول عنه، ليعم كل ما يحتاجه العبد ولا يعلمه.
وكذلك أمره تعالى بالصبر، ومحبته للصابرين، وثناؤه عليهم، وبيان كثرة أجورهم، من غير أن يقيد ذلك بنوع، ليشمل أنواع الصبر الثلاثة، وهي الصبر على طاعة الله، وعن معصية الله، وعلى أقدار الله المؤلمة.
ومقابل ذلك ذمه للكافرين والظالمين والفاسقين والمشركين والمنافقين والمعتدين ونحوهم، من غير أن يقيده بشئ ليشمل جميع ذلك المعنى.
ومن هذا قوله ﴿ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ ﴾ [البقرة: ١٩٦] ليشمل كل حصر، ومنه قوله ﴿ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً ﴾ [البقرة: ٢٣٩] ليعم كل خوف.
وقد يقيد ذلك ببعض الأمور فيتقيد به ما سيق الكلام لأجله.


الصفحة التالية
Icon