ومنها قوله تعالى: ﴿ فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلاءِ ﴾ [هود: ١٠٩] لمَّا كان قد يقع في الذهن أنهم على حجة وبرهان فأبان بقوله: ﴿ مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ ﴾ [هود: ١٠٩] أنهم ضُلَّال اقتدوا بمثلهم، ثم لما كان قد يتوهم المتوهم أنهم في طمأنينة من قولهم، وعلى يقين من مذهبهم، وربما يتوهم أيضاً أن الأليق ألا يبسط لهم الدنيا احترز من ذلك بقوله: ﴿ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ * وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَأنهم لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ ﴾ [هود: ١٠٩، ١١٠ ]
ولما قال تعالى: ﴿ لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [النساء: ٩٥] ربما يظن الظان أنهم لا يستوون مع المجاهدين ولو كان القاعدون معذورين. أزال هذا الوهم بقوله: ﴿ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ ﴾ [النساء: ٩٥].
وكذلك لما قال: ﴿ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا ﴾ [الحديد: ١٠] ربما توهم أحد أن المفضولين ليس لهم عند الله مقام ولا مرتبة، فأزال هذا الوهم بقوله: ﴿ وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى ﴾ [الحديد: ١٠] ثم لما كان ربما يتوهم أن هذا الأجر يُستحق بمجرد هذا العمل المذكور، ولو خلا من الإخلاص، أزال هذا الوهم بقوله: ﴿ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [الحديد: ١٠].
ومنها: قوله تعالى: ﴿ وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ﴾ [النمل: ٤٨] ربما وقع في الذهن أنهم يفسدون وقد يصلحون، فأزال هذا الوهم بقوله: ﴿ وَلا يُصْلِحُونَ ﴾ [النمل: ٤٨] أي: لا خير فيهم أصلاً مع شرهم العظيم.


الصفحة التالية
Icon