التفسير والإعراب الموافق لرسم المصحف أولى من المخالف له
إذا تنازع المفسرون على قولين في الإعراب أو التفسير وكان أحدهما موافقا لرسم المصحف ولا يقتضي مخالفة له، وآخر يقتضي مخالفته فأولى الأقوال ما وافق رسم المصحف الذي أجمع عليه الصحابة أعلم الناس بتفسير القرآن ولغته.
ويشهد لهذه القاعدة أن متابعة الرسم في القراءة أمر لازم وهو من شروط القراءة الصحيحة وقد قام الإجماع على لزوم رسم المصحف في الوقف إبدالا وإثباتا وحذفا ووصلا وقطعا (١).
ويدل للقاعدة أيضا منع العلماء من تغير خطه ووجوب التزامه (٢).
وقد اعتمد هذه القاعدة أبو عبيد والطبري والزجاج والقرطبي والسيوطي وغيرهم.
التطبيق:
١- قال تعالى: ﴿ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ ﴾ قال جمهور المفسرين معناه: وإذا كالوا لهم أو زنوا لهم يخسرون، وتكون "هم" في موضع نصب ويكون الوقف عليها. وذهب بعض المفسرين إلى أنها كلمتان ويقف على "كالوا" و "وزنوا" ثم يبتدئ بـ "هم يخسرون" فجعل هم في موضع رفع.
وهذه القاعدة ترجح القول الأول لأن "كالوا" و "وزنوا" لم ترسم فيهما الألف الفاصلة لواو الجماعة في جميع المصاحف فدل ذلك على أن الفعلين لم يكتفيا بأنفسهما وأن الضمير "هم" في موضع نصب مفعول به.
٢- اختلف العلماء في "لا" الناهية أي ينهى الله تعالى نبيه أن ينسى القرآن الذي أقرأه إياه والمعنى: لا تغفل عن قراءته وتكراره فتنساه إلا ما شاء الله أن ينسيكه برفع تلاوته.
وأولى القولين بالصواب قول الجمهور لموافقته رسم المصحف في إثبات الألف في "تنسى" فدل عدم حذفها على أنها ليست ناهية لحذفت الألف علامة للجزم.
المبحث الثاني
قواعد الترجيح المتعلقة بالسياق القرآني
القاعدة الأولى
إدخال الكلام في معاني ما قبله وما بعده أولى من الخروج به عنهما إلا بدليل

(١) الإتقان ١/٢٥٠
(٢) البرهان ١/٣٧٩


الصفحة التالية
Icon