إذا تنازع المفسرون في تفسير آية أو جملة من كتاب الله فمنهم من يحملها على معنى لا يخرجها من سياق الآيات، ومنهم من يحملها على معنى يخرجها من معاني الآيات قبلها وبعدها ويجعلها معترضة في السياق فحمل الآية على التفسير الذي يجعلها داخلة في معاني ما قبلها وما بعدها أولى وأحسن، لأنه أوفق للنظم وأليق بالسياق ما لم يرد دليل يمنع من هذا التفسير أو يصحح غيره.
وقد اعتمد هذه القاعدة الطبري وابن عطية وغيرهما.
التطبيق:
١- اختلف المفسرون في المعني بقوله تعالى: ﴿ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ ﴾ على أقوال:
أ رجل من اليهود ثم اختلفوا في اسمه.
ب جماعة من اليهود سألوا النبي - ﷺ - مثل آيات موسى.
ت خبر من الله عن مشركي قريش.
والقول الأخير هو الأوفق بالسياق وهو الذي رجحه الطبري (١) بهذه القاعدة وذلك أنه في سياق الخبر عنهم أولا فأن يكون ذلك أيضا خبرا عنهم أشبه من أن يكون خبرا عن اليهود ولما يجر لهم ذكر يكون هذا متصلا به.
٢- اختلف المفسرون في المعني بالنعمة في قوله تعالى: ﴿ يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها ﴾ على أقوال:
أ النبي - ﷺ - عرفوا نبوته ثم جحدوها وكذبوه.
ب ما عدد الله ذكره في هذه السورة من النعم وأن الله هو المنعم بذلك عليهم ولكنهم ينكرون ذلك فيزعمون أنهم ورثوه عن آبائهم.
ت إقرارهم بأن الله هو الرازق ثم ينكرون ويقولون إنما هو بشفاعة آلهتنا.
وأولى الأقوال القول الأول، لأن هذه الآية بين آيتين كلتاهما خبر عن رسول الله - ﷺ - وعما بعث به فأولى ما بينهما أن يكون في معنى ما قبله وما بعده إذ لا يوجد معنى يد على انصرافه عما قبله وعما بعده فالذي قبل هذه الآية ﴿ فإن تَولّوا فَإنّمَا عَليكَ البَلاغُ المُبِين ﴾
والذي بعده ﴿ وَيومَ نَبعَثُ مِن كُلِّ أُمَّة شَهِيدا ﴾ وهو رسولها.
القاعدة الثانية

(١) ٧/٢٦٨


الصفحة التالية
Icon