وهذا القول غريب مخالف لما عليه عامة المفسرين وللظاهر من السياق ودلالات الألفاظ.
المبحث الثالث
قواعد الترجيح المتعلقة بالقرائن
القاعدة الأولى
قرائن السياق مرجحة
إذا تنزع العلماء في تفسير آية وكان في السياق قرينة إما لفظة أو جملة أو غيرها تؤيد أحد الأقوال المقولة في الآية فالقول الذي تؤيده القرينة أولى الأقوال بتفسير الآية.
فإن تنازعت قرينتان كل قرينة تؤيد قولا رجح أرجح القرينتين وأقواهما.
والقرينة هي: ما يوضح المراد لا بالوضع بل تؤخذ من لاحق الكلام الدال على خصوص المقصود أو سابقة.
وقد ذكر هذه القاعدة وصرح بمضمونها ابن جرير الطبري (١)، والبغوي (٢)، وابن عطية (٣)، والرازي (٤) والقرطبي (٥) وأبو حيان (٦) وغيرهم.
التطبيق:
١- قال تعالى: ﴿ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ ﴾ اختلف المفسرون في الذي أخفاه النبي - ﷺ - في نفسه على قولين:
أ وقوع زينب في قلبه ومحبته لها وهي في عصمة زيد وكان حريصا على أن يطلقها زيد فيتزوجها هو، ومستندهم رواية موضوعة مضمونها أن النبي - ﷺ - أتى زيدا ذات يوم لحاجة فأبصر زينب فوقعت في قلبه وأعجبه حسنها، فقال: سبحان الله، مقلب القلوب وانصرف.
ب الذي أخفاه النبي - ﷺ - هو زواجه من زينب بعد أن يطلقها زيد فعاتبه الله جل جلاله على قوله لزيد: "أمسك عليك زوجك" بعد أن أعلمه الله أنها ستكون زوجه، وأنه ما فعل ذلك إلا خشية أن يقول الناس تزوج امرأة ابنه.

(١) ١٧/١٩
(٢) ٦/٣٥٦
(٣) ١/٢٩٥
(٤) ٧/١٩٢
(٥) ٣/٢٩١
(٦) ٣/٢٨


الصفحة التالية
Icon