وهذه القاعدة تصحح هذا القول لأن في الآية قرينة تدل على صحته وهي أن الله عاتب النبي - ﷺ - لإخفائه في نفسه ما الله مبديه، والذي أبداه الله هو زواجه من زينب ولم يبد حب النبي - ﷺ - وشغفه بزينب وذلك قوله بعدها: ﴿ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا ﴾ (١).
٢- قال تعالى: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً ﴾ قال الحسن: كان الرجلان من بني إسرائيل ولم يكن ابني آدم لصلبه، لأن القرابين إنما كانت في بني إسرائيل، وقال الجمهور: إنهما كانا لآدم من صلبه، وهو ظاهر التلاوة ويؤيد هذا القول قرينة في السياق وذلك أن الله تعالى قال: ﴿ فَبَعَثَ اللّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ ﴾ فإنها تدل على أن هذه الحادثة حدثت قبل أن يعلم الناس دفن الموتى وذلك في عهد ابني آدم لصلبه.
فهذان قولان لهما قرينتان متنازعتان وبالنظر فيهما نجد أن القرينة التي استدل بها الحسن قرينة ضعيفة إذ العلم بأن القرابين كانت في بني إسرائيل لا يدل على أنها لم تعرف من قبل، هذا إذا كانت على المعنى العرفي وهو اسم للنسيكة التي هي الذبيحة أما على المعنى العام فلا حجة ولا قرينة لقول الحسن فيها، لأن القربان عام في كل ما يتقرب به إلى الله وهذا هو الذي يظهر من سياق الآية.
أما قرينة الجمهور فقوية دالة على أن هذه الحادثة حدثت في العهد الأول إذ لم يعرف دفن الموتى وهم أول أبناء آدم وجدوا على الأرض فعد العلم بالدفن عندهما مقطوع به أما في بني إسرائيل فالدفن كان معروفا عندهم قطعا.
القاعدة الثانية
ما تأيد بقرآن مقدم على ما عدم ذلك

(١) انظر ابن كثير ٦/٤٢٠، والقرطبي ١٤/١٩٠، وأبو حيان ٨/٤٨٢


الصفحة التالية
Icon