هذه القاعدة تضبط التفسير اللغوي وتقيده بقبول السياق له، وأنه لا ينظر في التفسير اللغوي إلى ثبوته في اللغة فحسب بل لا بد مع ذلك من مراعاة السياق القرآني ولذلك خطئ قول من أهمل السياق القرآني وأسباب النزول والقرائن التي حفت بالخطاب حال التنزيل واعتمد على مجرد اللغة فحسب، لأن في ذلك إهمالا لغرض المتكلم به -سبحانه- من كلامه، ولكل كلمة معنى في سياق قد لا يحصل في سياق آخر.
وقد ذكر مضمون هذه القاعدة الزركشي في البرهان (١) وراعاها ابن كثير في اختياراته وصنيع المفسرين يدل عليها.
التطبيق:
- فسر أبو عبيدة معمر بن المثنى الكلمة في قوله تعالى: ﴿ مصدقا بكلمة من الله ﴾ بكتاب من الله من قول العرب: "أنشدني فلان كلمة فلان" أي: قصيدة فلان وإن طالت.
والصواب أنه عيسى عليه السلام.
القاعدة الثالثة
يحمل كلام الله على المعروف من كلام العرب دون الشاذ والضعيف والمنكر
يجب أن يفسر القرآن ويحمل على أحسن المحامل وأفصح الوجوه، فلا يحمل على معنى ركيك ولا لفظ ضعيف، وإنما يحمل على المعروف من كلام العرب من الأوجه المطردة دون الشاذة والضعيفة ويحمل على الأكثر استعمالا دون القليل والنادر، ويحمل على المعاني والعادات والعرف الذي نزل به القرآن والسنة دون ما حدث واستجد بعد التنزيل، وذلك لأن القرآن أفصح الكلام، ونزل على أفصح اللغات وأشهرها فلا يعدل به عن ذلك كله وله فيها وجه صحيح.
والمراد بالمعروف من كلام العرب أي المستعمل في كلامهم سواء كان ذلك الاستعمال مطردا وهو الذي لا يتخلف البتة ولا تعرف العرب غيره، أو غالبا وهو: أن يكون أكثر الاستعمال عليه لكنه يتخلف أحيانا قليلة.
ومدار الفصاحة على كثرة الاستعمال، فإن تعارض القياس القوي وكثرة الاستعمال فكثرة الاستعمال هي المقدمة.
والشاذ في اللغة هو: ما كان وجوده قليلا لكن لا يجيء على القياس، والشذوذ يلحق القياس والاستعمال.

(١) ٢/١٧٢


الصفحة التالية
Icon