قال تعالى: ﴿ وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً ﴾ ذهب بعضهم إلى تفسيرها بقولهم: جاء أمر ربك أو جاء قضاؤه، والصواب عدم التقدير، وليس في ألفاظ الآية ولا سياقها ولا في دلالة شرعية تدل على إضمار شيء فيها، والسبب في هذا التقدير هو دعواهم بأن العقل يحيل اتصاف الباري سبحانه بهذه الصفة، وهذا باطل لما قلناه من أن الأصل عدم التقدير ولأن إقحام العقل في ميدان لا يعلم كنهه خطأ واضح، والصفات من الغيب التي أمرنا بالإيمان به فمبناه على التسليم وإثبات ما أثبته الله لنفسه دون تشبيه أو تكييف وبهذا فسر الآية بان جرير فقال: "وإذا جاء ربك يا محمد وأملاكه صفوفا صفا بعد صف" (١) وغيره.
قيام الدليل على الإضمار:
إذا قام الدليل على الإضمار في الآية فالقواعد التالية ترجح بين الأقوال في تقدير ذلك المضمر:
قاعدة (١): تقدير ما ظهر في القرآن أولى في بابه من كل تقدير.
إذا دل دليل المعتبر على الحذف في آية وظهر هذا المحذوف في آية أخرى، فتقدير ذلك المحذوف بما ظهر في موضع آخر أولى من كل تقدير، وأوفق للصواب وهو من قبيل تفسير القرآن بالقرآن.
وقد ذكر هذه القاعدة بلفظها العز بن عبد السلام واعتمدها عامة المفسرون.