التطبيق: قال تعالى: ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ ﴾ في هذه الآية قرينة على الإضمار وهي رفع: ﴿ ثلاثة ﴾ بعد القول ولا رافع لها مذكور فدل على وجود مضمر: فقال الفراء: التقدير "هم ثلاثة" وقال الزجاج: آلهتنا ثلاثة، وقال أبو علي الفارسي: "هو ثالث ثلاثة" وهذا أولى التقديرات لأجل موافقة قوله تعالى: ﴿ لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ ﴾.
قاعدة (٢): التقدير الموافق لغرض الآية وأدلة الشرع مقدم على غيره.
إذا قام دليل على وجود إضمار في آية ولم يظهر ذلك المضمر في آية أخرى فأولى التقديرات بالصحة ما كان منها موافقا لغرض الآية المسوقة له وأدلة الشرع العامة، ولم يكن مخالفا لها.
ومن أمثلة هذه القاعدة تقدير خبر "لا" المضمر في جملة: "لا إله إلا إلا الله" أو في آية نحو: ﴿ لَا إِلَهَ إِلّا هُوَ الرَّحمَنِ الرَّحِيم ﴾ فقدره بعضهم ب "موجود" فيكون المعنى: لا معبود موجود إلا الله، وقدره غيرهم بـ "حق أو بحق" فيكون المعنى: لا معبود بحق إلا الله، وهذا التقدير هو الصواب لموافقته للغرض من هذه الجملة وهو إثبات الوحدانية في الإلهية له وحده ونفيها عمن سواه.
قاعدة (٣): قلة الحذف أولى من كثرته.
إذا دل الدليل على الإضمار في آية ولم يظهر ذلك المضمر في آية أخرى واحتاج المفسر أو المعرب على تقدير ذلك المضمر فأولى التقديرات ما قل فيه التقدير دون ما كثر وذلك لتقليل مخالفة الأصل بكثرة الحذف والتقدير.