إذا تنازع العلماء في ضمير ما فقائل يقول: هو ضمير الشأن والقصة وآخر يقول ليس هو ضمير الشأن فإذا كان لقول الآخر وجه صحيح في العربية وفي السياق فهو أولى بحمل الآية عليه ولا يقال بضمير الشأن إلا إذا لم يكن له محمل صحيح غيره لمخالفته للقياس من وجوه مختلفة كما سيأتي وضمير الشأن هو ضمير يأتي على صورة الغائب المفرد مبهما ثم يفسر ويقصد بذلك تعظيم الأمر والشأن وهو مخالف للقياس من وجوه:
١- أنه لا يقصد به شيء بعينه
٢- لا يستعمل إلا في التفخيم.
٣- لا يرجع إلى مذكور
لا تعني هذه القاعدة أنه لا يأتي ضمير الشأن ولا يترجح في القرآن البتة بل يتعين ضمير الشأن في مواضع متعددة من القرآن كقوله تعالى: ﴿ إنه لا يفلح الظالمون ﴾ فالهاء ضمير شأن ليس إلا.
التطبيق:
قال تعالى: ﴿ َهُوَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهرَكُمْ ﴾ اختلف العلماء في الضمير "هو":
- فقال الجمهور هو ضمير عائد على ما عادت عليه الضمائر قبله وهو "الله".
- وقال أبو علي الفارسي: "هو" ضمير شأن و "الله" مبتدا خبره ما بعده.
وقول الجمهور أولى بالصواب بناء على هذه القاعدة.
القاعدة الثانية
إعادة الضمير إلى مذكور أولى من إعادته على مقدر
إذا احتمل السياق إعادة الضمير إلى مذكور أو إعادته إلى مقدر واختلف العلماء على الاحتمالين فإعادة الضمير إلى المذكور أولى، لأن الإعادة إلى المقدر مع إمكان الإعادة إلى المذكور فيه إخراج للآية عن نظمها دون موجب هذا في حالة احتمال الضمير للأمرين واختلاف العلماء على القولين أما إذا لم يقع خلاف فلا يدخل تحت هذه القاعدة.
وقد ذكر هذه القاعدة الطبري (١) وابن العربي (٢) وابن تيمية (٣) وغيرهم.
التطبيق:
قال تعالى: ﴿ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ ﴾.
اختلف المفسرون في عائد الضمير "منه":

(١) ١٥/١٣٣
(٢) ٣/١٣٨
(٣) المجموع ١٥/٨٨


الصفحة التالية
Icon