وكمثال على هذه القاعدة يقول تعالى: ﴿ إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى ﴾ اختلف العلماء في المشار إليه بـ "هذا" في الآية على أقوال:
١- الآيات في سبح اسم ربك الأعلى.
٢- على الذي قصه الله في هذه السورة.
٣- إلى كتب الله كلها.
وقيل غير ذلك.
قال ابن جرير: "وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : إن قوله: ﴿ قد أفلح من تزكى * وذكر اسم ربه فصلى * بل تؤثرون الحياة الدنيا * والآخرة خير وأبقى ﴾ : لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم خليل الرحمن وصحف موسى بن عمران.
وإنما قلت : ذلك أولى بالصحة من غيره لأن هذا إشارة إلى حاضر فلأن يكون إشارة إلى ما قرب منها أولى من أن يكون إشارة إلى غيره".
المبحث الثالث
قواعد الترجيح المتعلقة بالإعراب
القاعدة الأولى
يجب حمل كتاب الله على الأوجه الإعرابية اللائقة بالسياق والموافقة لأدلة الشرع
هذه القاعدة توجب حمل آيات التنزيل على الأوجه الإعرابية اللائقة بسياق الآية ومعناها والموافقة لأدلة الشرع دون الأوجه الجافية عنها وإن كان لها وجه صحيح في العربية فليس كل ما صح القول به في تركيب عربي صح حمل آيات التنزيل عليه فللقرآن عرف خاص يجب أن يحمل عليه، لأن الإعراب يبين المعنى، والمعنى هو المقصود بالنص القرآني دون الإعراب وقواعده.
وقد ذكر هذه القاعدة واستعملها عامة المفسرين كالطبري (١) وابن عطية (٢) وأبي حيان (٣) وغيرهم.
التطبيق:
قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾.
اختلف المعربون في الموقع الإعرابي لقوله تعالى: ﴿ ومن اتبعك ﴾ على خمسة أقوال:
١- معطوفة على الكاف المجرورة في "حسبك".
٢- "من" في محل نصب عطفا على محل الكاف في قوله: "حسبك" لأنها بمعنى كافيك، أي الله يكفيك ويكفي من اتبعك من المؤمنين.
(٢) ٢/٣١٣
(٣) ١/٨٨