ومثل المتواطئ المراد به أحد النوعين أو الشيئين كالضمائر في قوله تعالى: ﴿ ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسن أو أدنى ﴾ فقد اختلف المفسرون في المراد بالمقترب الداني الذي صار بينه وبين محمد - ﷺ - قاب قوسين أو أدنى فقالت عائشة: إنه جبريل وقال ابن عباس: رأى ربه.
وقد يكون هذا النوع في غير المشترك والمتواطئ مثل الخلاف في تفسير قوله تعالى: ﴿ أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح ﴾ فقيل: ولي البكر، وقيل: الزوج.
٣- أن تكون الأقوال ليست متعارضة مع بعضها، وإنما يكون بعضها معارضا لدلالة آيات قرآنية أو لنصوص صحيحة من السنة أو لإجماع الأمة.
فمثل هذه الأقوال يجب اطراحها وسقوط حكمها، كقول مقاتل: إن الله تعالى إنما أمر الملائكة بالسجود لآدم قبل أن يخلقه، وهذا معارض لصريح قوله تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ ()فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ ﴾.
ومنها قول بعضهم في قوله تعالى: ﴿ يا أخت هارون ﴾ أنه أخت هارون لأبيه وأمه وأنها التي قصت أثر موسى فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون، وهذا مخالف لحديث المغيرة في مسلم أنه سأله رسول الله - ﷺ - عن قوله تعالى: ﴿ يا أخت هارون ﴾ فقال: إنهم كانوا يسمون بأنبيائهم والصالحين قبلهم.
ومخالفة الإجماع مثل تفسير قوله تعالى: ﴿ مثنى وثلاث ورباع ﴾ بجواز نكاح تسع نسوة.
٤- أن تكون الأقوال المختلفة في الآية محتملة وليس بينها تعارض غير أن بعضها أولى من بعض لكون القرآن ودلالة ألفاظه تشهد لقول دون غيره، أو السنة تشهد لأحدهما أو لغة العرب أو قرائن في السياق أو أسباب أخر تقضي بتقديم أحد الأقوال وهذا ما يسمى بتقديم الأولى.
وهذه القواعد الثلاث الأخيرة هي موضوع هذا البحث فإذا تقرر ذلك كله فليعلم أن قواعد الترجيح في هذه الرسالة تشمل الآتي: