هذا وقد قرر هذه القاعدة واستعملها: الطبري في تفسيره، والنحاس في الناسخ والمنسوخ، والقرطبي والشوكاني ونص عليها علماء الأصول (١).
التطبيق:
١- اختلف العلماء في تفسير قوله تعالى: ﴿ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ﴾ على أقوال:
- فقال بعضهم هي منسوخة بقوله تعالى: ﴿ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ ﴾ وقوله تعالى: ﴿ فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم ﴾ أي لا يجوز المنّ على الأسير أو الفداء به وإنما يقتل، وهذا مروي عن ابن عباس وبه قال قالت الحنفية (٢).
- وقال جماعة هي ناسخة لقوله تعالى: ﴿ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ ﴾ فلا يجوز قتل الأسير بل يمن عليه أو يفادى به.
- وقال ابن عمر وغيره: بل الآية محكمة، وكذا آية القتل، أي له المن أو الفداء أو القتل أو الاسترقاق على ما يراه الإمام من الأصلح للإسلام والمسلمين، وهذا القول هو الذي ترجحه القاعدة.
٢- ذهب بعض أهل العلم إلى أن جميع الآيات الآمرة بالمعاملة الحسنة مع أهل الكتاب والإقساط لهم بأنها منسوخة بآية السيف، والصحيح عدم النسخ لعدم التعارض.
المبحث الأول
قواعد الترجيح المتعلقة بالقراءات ورسم المصحف
القاعدة الأولى
القراءة الثابتة لا ترد وهي كآية مستقلة
إذا ثبتت قراءة ما فلا يجوز لأحد أن يطعن فيها أو يردها، لأنها قرآن وهي بمثابة الآية المستقلة التي تدل على معنى أو حكم آخر.
ويشترط في ثبوت القراءة ثلاثة شروط:
١- صحة السند: أي أن يروي تلك القراءة العدل الضابط عن مثلة حتى تنتهي وتكون مع ذلك مما عرف واشتهر عند أئمة الشأن الضابطين له غير معدودة عندهم من الغلط أو مما شذ به بعضهم (٣).
فإذا تواترت القراءة فلا يحتاج إلى الشرطين الأخيرين ويغني التواتر عنهما.
(٢) الجصاص ٥/٢٦٩
(٣) النشر ١/١٣