إذا عرفت ذلك فمما خص من القرآن الكريم بالسنة آية الربا، وهي قوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا﴾ خصت بغير العرايا الواردة فى حديث الصحيحين: ﴿أنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِىْ بَيْعِ العَرَايَا﴾، والعرايا هو بيع تمر برطب فيما دون خمسة أوسق، وكقوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّم﴾، فإنه شامل لكل ميتة حتى السمك والجراد، ولكل دم حتى الكبد والطحال، لكنه مخصوص بحديث: ﴿أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ﴾ الحديث.
ومما خص من السنة الشريفة بالكتاب العزيز قوله صلى الله عليه وسلم: ﴿مَا أُبِيْنَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيِّتٌ﴾ رواه الحاكم عن أبي سعيد رضي الله عنه وصححه على شرط الشيخين، فإنه عام فى كل ما انفصل من الحيّ فهو كميتة، لكنه خاص بغير الشعر والصوف، لقوله تعالى: ﴿وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ﴾.
وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ﴿أُمِرْتُ أنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حتَّى يَشْهَدُوا أنْ لا إِلهَ إِلاَّ الله﴾ الحديث، فإنه عام شامل لمن يعطى الجزية وغيره، لكنه مخصوص بقوله تعالى: ﴿حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ﴿لاَتَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِلْغَنِيِّ﴾ رواه النسائي وغيره، فإنه شامل للعاملين وغيرهم، لكنه مخصوص بالآية بغير العاملين، فيجوز أن يكون العامل غنيا، فيحل له أخذ الصدقة أي الزكاة لأنها أجرة له.
(الدرس السابع عشر): فيما ورد من الناسخ والمنسوخ
فى القرآن الكريم
(النسخ) معناه لغة: الإزالة والنقل، تقول نسخت الشمس الظل أي أزالته، ونسخت الكتاب إذا نقلت ما فيه مع بقاء الأصل على هيئته من غير تغيير. واصطلاحا: رفع الحكم الثابت بالخطاب المتقدم على وجه لولاه لثبت مع تراخيه عنه.