والناسخ والمنسوخ فى القرآن كثير، وقد ألف فيه كثير من العلماء مؤلفات عديدة.
ثم اعلم أن المنسوخ هو المتقدم نزولا، والناسخ هو المتأخر بعده. أما ترتيب المصحف فقد يوجد فيه عكس ذلك، فيوجد الناسخ متقدما وامنسوخ متأخرا، كما فى آيتي العدة، فإن قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاج﴾ نسختها التى قبلها، وهي قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً﴾، وكذلك قوله تعالى:﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ﴾ الآية، فيها ذكر عدم القتال، وكقوله تعالى: ﴿لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ﴾، وكقوله تعالى: ﴿فَأَعْرِضْ عَمَّنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا﴾ الآية، ونحو ذلك كثير، وبعضه متأخر فى ترتيب المصحف عن آية السيف المذكورة فى قوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّة﴾ الآية.
ثم النسخ ينقسم إلى أقسام ثلاثة:
(الأول): نسخ الحكم فقط مع بقاء التلاوة، كآية العدة المتقدمة، وهي قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاج﴾، فإن حكمها منسوخ كما علمت.
وفائدة بقاء التلاوة أمران: (الأول): أن القرآن كما يتلى ليعرف الحكم والعمل به، كذلك يتلى لكونه كلام الله عز وجل فيثاب عليه فأبقيت التلاوة لهذه الحكمة. (والثانى): أن النسخ غالبا يكون للتخفيف، فأبقيت التلاوة تذكيرا للنعمة ورفعا للمشقة.