قُيَّم، لما جاورت العين اللام أجراها في الاعتلال مجرى عات وعُتي١ وجاث٢ وجُثي، وقد ذكرنا في تفسير ديوان المتنبي ما في هذا الحرف؛ أعني : المرء والمرأة من اللغات.
ومن ذلك قراءة الأعمش :"وَمَا هُمْ بِضَارِّي بِهِ مِنْ أَحَدٍ"٣.
قال أبو الفتح : هذا من أبعد الشاذ؛ أعني : حذف النون هاهنا، وأمثل ما يقال فيه : أن يكون أراد : وما هم بضارِّي أحدٍ، ثم فصَل بين المضاف والمضاف إليه بحرف الجر.
وفيه شيء آخر وهو أن هناك أيضًا "٢١ظ" "مِن" في من أحد، غير أنه أجرى الجار مجرى جزء من المجرور؛ فكأنه قال : وما هم بضاري به أحد، وفيه ما ذكرنا.
ومن ذلك قراءة قتادة وابن بُريدة وأبي السمال :"لَمثْوَبَةٌ٤".
قال أبو الفتح : قد ذكرنا شذوذ صحتها عن القياس فيما مضى.
ومن ذلك قراءة أبي رجاء٥ :"مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنَسِّهَا"٦ مشددة السين.
وقرأ سعد بن أبي وقاص والحسن ويحيى بن يعمر :"أو تَنْسَها" بتاء مفتوحة.
وقراءة سعيد بن المسيب والضحاك "تُنْسَها" مضمومة التاء مفتوحة السين.
وفي حرف ابن مسعود :"ما نُنْسِكَ من آية أو نَنسخْها".
قال أبو الفتح : أما "نُنَسِّها" فنُفَعِّلها من النسيان، فيكون فَعَّلْت في هذا كأفعلت في قراءة أكثر القراء :"نُنْسِها"، وهو في الموضعين على حذف المفعول الأول؛ أي : أو ننس أحدًا إياها؛ كقولك : ما نَهبُ من قرية أو نُقْطِعُها؛ أي : أو نُقطع أحدًا إياها.
ومن قرأ :"تَنْسَها" أراد : أو تَنْسها أنت يا محمد.
٢ جثا كدعا ورمى جثوا وجثيًّا بضمهما : جلس على ركبتيه أو قام على أطراف أصابعه، وهو جاثٍ، والجمع جُثِي بالضم والكسر.
٣ سورة البقرة : ١٠٢.
٤ سورة البقرة : ١٠٣.
٥ هو عمران بن تيم أبو رجاء العطاردي البصري التابعي الكبير، ولد قبل الهجرة بإحدى عشرة سنة، وكان مخضرمًا، أسلم في حياة النبي ولم يره، عرض القرآن على ابن عباس وتقلنه من أبي موسى، وحدث عن عمر وغيره من الصحابة، مات سنة ١٠٥. طبقات القراء لابن الجزري : ١/ ٦٠٤.
٦ سورة البقرة : ١٠٦.