والحديث طويل لكن هذا طريقه.
وأما القَيِّم من قام يقوم بأمره، وهو من لفظ قيَّام ومعناه قال :
الله بيني وبين قيِّمها يفر مني بها وأَتَّبع
لما قال الشاعر هذا قيل له : لا، "٣٣ظ" بل الله بين قيمها وبينك.
و"القيوم" قراءة الجماعة، فيعول من هذا أيضًا، ومثله الدَّيُّور في معنى الدَّيَّار.
ومن ذلك قراءة الحسن :"الأَنجيل"١ بفتح الهمزة.
قال أبو الفتح : هذا مثال غير معروف النظير في كلامهم؛ لأنه ليس فيه أفعيل بفتح الهمزة، ولو كان أعجميًّا لكان فيه ضرب من الحِجاج؛ لكنه عندهم عربي، وهو أفعيل من نجل ينجُل : إذا أثار واستخرج، ومنه نَجْلُ الرجل لولده؛ لأنه كأنه استخرجهم من صلبه وبطن امرأته، قال الأعشى :
أنجب أزمان والداه به إذ نَجَلاه فنعم ما نَجلا٢
أي : أنجب والداه به أزمان إذ نجلاه، ففصل بالفاعل بين المضاف الذي هو أزمان وبين المضاف إليه الذي هو إذ، كقولهم : حينئذ، ويومئذ، وساعتئذ، وليلتئذ.
وقال أبو النجم :
تنجُل أيديهن كل منْجل
يريد : أيدي الإبل؛ أي : تثير بأيديها في سيرها ما تمر به من نبت وحجر وغيرهما.
وقيل له : إنجيل؛ لأن به ما٣ استخرج علم الحلال والحرام ونحوهما، كما قيل : توراة، وهو فوعلة من وَرَى الزنْد إذا قدح وأصله وَوْرَيَة، فأبدلت الواو التي هي الفاء تاء كما قالوا : التُّجاه والتُّخَمة والتُّكْلان والتَّيقُور٤، وهي من الوجه والوخامة والوكيل والوقار، وقلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصارت توراة، فهذه من ورى الزند : إذا ظهرت ناره، وهذا من نَجَل ينجُل : إذا استَخْرج؛ لما في هذين الكتابين من معرفة الحِل والحِرْم كما قيل لكتاب نبينا - ﷺ - الفرقان؛ لأنه فرَّق بين الحق والباطل، وهذا الحديث الذي نحن عليه من بابٍ
٢ رُوي :"أيام" مكان "أزمان". الديوان : ٢٣٥.
٣ ما زائدة.
٤ التيقور : الوقار.