الراءات أبدلوا الآخرة ياء وأدغموا فيها ياء فُعِّيلة التي قبلها، ونحو منه مما أبدل فيه أحد الأمثال ياء هربًا من تكريرها قولهم : تظنَّيْتُ، وتَسَرَّيْتُ، وتَلعَّيْتُ١ من اللُّعَاعة وهي يقلة، وقَصَّيتُ أظافري، وتفَضَّيْتُ من الفضة، وكقوله :
تقضِّيَ البازي إذا البازي كسر٢
هو تَفعُّل من الانقضاض، وأصله تقَضُّض، كما أن أصل تظنيت تظننت، وتسريت تسررت؛ لأنه تفعلت من السُّرِّية فيمن أخذها من السِّر "٣٥و" وهو النكاح، أو من السر لأنه٣ في غالب الأمر مكتومة الأمر من صاحبة المنزل. وهذا قول أبي الحسن الكرخي. وأصل تلعيت تلععت، وأصل قصيت أظفاري قصصت، ويمكن أن يكون أُخِذت من أَقاصِيها فلا يكون مبدلًا، وأصل تفضيت تَفَضَّضْتُ، وقالوا : فأبدالوا مع الاثنين٤ في أمللت الكتاب : أمليت، وقال الأسود بن يعفر :
وأقسمت لا أملاه حتى يفارقا٥
يريد : أَملُّه، فأبدلوا الثاني منها ياء للتكرير، ثم أُبدلت الياء ألفًا؛ فصار أملاه.
وأخبرنا أبو علي قال : قال أحمد بن يحيى عنهم :"لا وَرَبْيِك لا أفعل"، يريد : لا وربك، ونظائره كثيرة. فأصل ذرية على هذا ذُرِّيرة فُعِّيلة كمُرِّيقة، فأُبدلت الراء الأخيرة لما ذكرنا ياء٦، وأدغمت فيها ياء فُعِّيلة؛ فصارت ذُرِّيَّة.
والرابع : أن تكون فُعُّولة كجُبُّورة٧ وكسبوح وقدوس، وأصله على هذا ذُرُّورة، فأبدلت الراء الأخيرة - لما ذكرنا من اجتماع الأمثال - ياء؛ فصارت ذُرُّويَة، ثم أبدلت الواو لوقوعها ساكنة قبل الياء ياء والضمة قبلها كسرة، وأدغمت في الياء المبدلة من الراء؛ فصارت ذُرِّية كما ترى.
٢ للعجاج، وقبله :
إذا الكرام ابتدروا الباع ابتدر
داني جناحيه من الطور فمر
في مدح عمر بن عبيد الله بن معمر، وكان عبد الملك قد وجهه إلى أبي فديك الخارجي فقتله وقتل أصحابه. سمط اللآلي : ٧٩٠، والديوان : ١٧.
٣ كذا في النسختين، والظاهر أنها : لأنها، أو أن الضمير للشأن.
٤ يريد : مع تكرير حرفين اثنين.
٥ شواهد الشافية : ٤٤١.
٦ في ك : ياء كما ذكرنا.
٧ الجبورة : الجبروت.