الله مرفوعًا بالابتداء، وقوله :﴿لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ خبر عنه، ويكون ﴿الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ صفة له وثناء عليه، وإن شئت جعلت قوله :﴿لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ ثناء عليه معترضًا بين المبتدأ والخبر، ويكون ﴿الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ خبرين عنه، كحلو حامض.
وإن شئت جعلت قوله :﴿لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ خبرًا عنه، و﴿الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ أيضًا خبرين عنه؛ فيكون له ثلاثة أخبار.
وإن شئت أن تخبر عن المبتدأ بعشرة أخبار أو بأكثر من ذلك جاز وحسن؛ لما يتضمنه كل خبر منها من الفائدة، فكأنه أخبر عنه وآثنى عليه، ثم أخذ يقص الحديث فقال :"نَزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابُ".
ومَن شدد الزاي ونصب "الكتاب" جاز أن يكون على قوله خبرًا رابعًا، وجاز أن يكون أيضًا جميع ما قبل "نزل" ثناء وإعظامًا، ويفرد قوله :"نَزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابُ" فيجعل خبرًا عنه؛ كقولك : الله سبحانه، وجل ثناؤه، وتقدست أسماؤه، يأمر بالعدل، وينهى عن السوء. وفيه اكثر من هذا؛ إلا أن في هذا مقنعًا بحمد الله.
ومن ذلك قراءة مجاهد وحميد الأعرج١ :"أَنَّ اللَّهَ يُبْشِرُكَ"٢ بضم الياء وسكون الباء وكسر الشين خفيفة.
قال أبو الفتح : ينبغي أن يكون هذا منقولًا من بَشِرْتُ بالأمر في وزن أَنِفْتُ وفَرِحْتُ؛ كقولك : بَطِر وأبطرته، وخرِق وأخرقته، يقال : بَشِر الرجل بالخير وأبشرته وبشَّرته وبَشَرْتُ خفيفة أيضًا.
ومن ذلك قراءة الأعمش :"إِلَّا رُمُزًا"٣ بضمتين.
قال أبو الفتح : ينبغي أن يكون هذا على قول مَن جعل واحدتها رُمْزَة، كما جاء عنهم ظُلْمَة
٢ سورة آل عمران : ٢٩. وقد قرأ ابن عامر وحمزة :"إن الله" بكسر الهمزة، وقرأ الباقون بفتح الهمزة. البحر المحيط : ٢/ ٤٤٦.
٣ قراءة الجماعة :﴿إِلَّا رَمْزًا﴾ بفتح الراء وسكون الميم. وفي البحر المحيط ٢/ ٤٥٣ : وقرأ علقمة بن قيس ويحيى بن وثاب :"رُمُزًا"، بضم الراء والميم... وقرأ الأعمش :"رَمَزًا" بفتح الراء والميم. اهـ. سورة آل عمران : ٤١.