يريد : عُنْصُرِي بتخفيف الراء، غير أنه "٣٧ظ" ثقَّلها كما يفعل في الوقف، نحو : خالدّ وجعفرّ، وإذا جاز أن يُنوى الوقف دون المضمر المجرور، وهو على غاية الحاجة - للفطه عن الانفصال - إلى ما قبله جاز أيضًا أن يعترض هذا التلوم والتمكث دون المظهر المضاف إليه؛ أعني : قوله :"آلاف"؛ بل إذا جاز أن يعترض هذا الفتور والتمادي بين أثناء الحروف من المثال الواحد نحو قوله :
أقول إذ خَرَّت على الكَلْكالِ يا ناقتا ما جُلْت من مجالِ١
وقوله فيما أَنشدناه :
ينباع من ذفرى غضوب جسرة٢
يريد : ينبع. وقوله أُنشدناه :
وأنت من الغوائل حين تُرْمى ومن ذم الرجال بِمُنْتَزَاح٣
يريد : منتزَح مُفْتعَل من نزح، كان التأني والتمادي بالمد بين المضاف والمضاف إليه؛ لأنهما في الحقيقة اسمان لا اسم واحد أمثل، ونحوه قراءة الأعرج عن ابن أبي الزناد :"بثلاثهْ آلاف" بسكون الهاء، وقد ذكرناه فيما قبل، فهذا تقوية وعذر لقراءة أبي سعيد، وقد أفردناه في الخصائص٤ بابًا قائمًا برأسه، وذكرناه أيضًا في هذا الكتاب.
ومن ذلك قراءة محمد بن السميفع :"قَرَحٌ"٥ بفتح القاف والراء.
قال أبو الفتح : ظاهر هذا الأمر أن يكون فيه لغتان : قرْح، وقرَح، كالحلْب والحلَب، والطرْد والطرَد، والشل والشلل. وفيه أيضًا قُرْح على فُعْل، يقرأ بهما جميعًا٦.
٢ عجزه :
زيافة مثل الفَنيق المكدَم
والبيت لعنترة من معلقته. الذفرى : ما خلف الأذن، الجسرة : الناقة الموثقة الخلق، زيافة : شديدة التبختر، الفنيق : الفحل من الإبل، المكدم : المعضض. شرح المعلقات السبع للزوزني : ١٤٤.
٣ لابن هرمة يرثي ابنه، وقيل : يمدح بعض القرشين، وكان قاضيًا.
ويروى :"حيث" مكان "حين"، و"تنمى" مكان "ترمى". الغوائل : جمع غائلة؛ وهي الفساد والشر، وقيل : الدواهي، وترمى بالبناء للمفعول، بمنتزاح : أي ببعد. سر صناعة الإعراب : ٢٩، وشواهد الشافية : ٢٥، والخصائص : ٢/ ٣١٦، ٣/ ١٢١.
٤ انظر : الخصائص : ٣/ ١٢١ - ١٢٤.
٥ سورة آل عمران : ١٤٠.
٦ قرأ أبو بكر وحمزة والكسائي وخلف بضم القاف ووافقهم الأعمش، وقرأ الباقون بالفتح. إتحاف فضلاء البشر : ١٠٨.