حكى سيبويه هذه القراءة :"أُثْنا" بسكون الثاء.
وذهب أبو بكر محمد بن السري في قولهم : أَسَد وأُسُد إلى أنها محذوفة من أُسُود، ويقوي قوله هذا بيت الأخطل :
كَلَمْعِ أَيدي مَثاكيلٍ مُسَلِّبَةٍ يَندُبنَ ضَرس بنَاتِ الدَهرِ وَالخُطُبِ١
يريد : الخُطُوب، فقصر الكلمة بحذف واوها، ومثله قول الآخر :
إن الفقير بيننا قاضٍ حَكَمْ أن ترِد الماءَ إذا غاب النُّجُم٢
يريد : النجوم.
وأما "أُنُثًا" بتقديم النون على الثاء، فينبغي أن يكون جمع أَنيث، كقولهم : سيفٌ أنيث الحديد، وذلك كقراءة العامة :﴿إِلَّا إِنَاثًا﴾ يعني : به الأصنام. قال الحسن : الإناث كل شيء ليس فيه رُوح : خشبة يابسة وحجر يابس، قال : وهو اسم صنم لحي من العرب، كانوا يعبدونها ويسمونها أُنثى بني فلان، وعليه القراءة :"إِلَّا أوثانًا".
ومن ذلك قال حماد بن شُعيب٣ : قلت للأعمش :"يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ"٤، فقال : أيعدُهم؟ إنما هو :"يَعِدْهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدْهُم" ساكنة.
قال أبو الفتح : قد تقدم القول على نحو هذا ما أُسكن في موضع الرفع تخفيفًا لثقل الضمة. قال أبو زيد فيما حكاه عنهم :"بَلَى وَرُسُلْنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ"٥ بسكون اللام تخفيفًا على هذا.

١ رُوي :"كلمح" مكان "كلمع"، المسلبة : المرأة التي مات ولدها، والتي تلبس السلاب بالكسر؛ وهي ثياب سود تلبسها النساء في المأتم، واحدتها سلبة بالتحريك، ضرس السبع فريسته : مضغها ولم يبتلعها، وضرسته الخطوب : عجمته على المثل. شبه أيدي الإبل إذا رفعتها بلمع نائحة تشير بخرقة. الديوان : ١٨٨، واللسان "ضرس، وخطب، وثكل".
٢ رُوي :
إن الذي قضى بذا قاض حكم
وانظر : الخصائص : ٣/ ١٣٤.
٣ هو حماد بن أبي زياد شعيب أبو شعيب التميمي الحماني الكوفي، مقرئ جليل ضابط، ولد سنة ١٠١، وأخذ القراءة عرضًا عن عاصم، ولما مات عاصم قرأ على أبي بكر بن عياش وغيره، وروى القراءة عنه عرضًا يحيى بن محمد العليمي وغيره، ومات سنة ١٠٩. طبقات القراء : ١/ ٢٥٨.
٤ سورة النساء : ١٢٠.
٥ سورة الزخرف : ٨٠.


الصفحة التالية
Icon