ومن ذلك قراءة ابن عباس وعمرو بن فايد١ :"مُذَبْذِبِين"٢ بكسر الذال الثانية.
قال أبو الفتح : هو من قوله :
خيالٌ لأمِّ السلسبيل ودونه مسيرة شهر للبريد المذبذِب٣
أي : المهتز القلق الذي لا يثبت في مكان، فكذلك هؤلاء : يخِفُّون تارة إلى هؤلاء وتارة إلى هؤلاء، فهو مثل قوله :﴿لَا إِلَى هَؤُلاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلاءِ﴾٤، وهو من ذَبَّبْتُ عن الشيء : أي صرفت عنه شيئًَا يريده إلى غير جهته، وقريب من لفظه، إلا أنه ليس من لفظه، كما يقول البغداديون وأبو بكر معهم؛ وذلك أن ذَبَّبْتُ من ذوات الثلاثة، وذبذب من مكرر الأربعة، فهو كقولهم : عين ثرّة وثرثارة، وهو كثير في معناه. وقد ذكرنا ذلك في كتابنا المنصف.
ومن ذلك قراءة ابن عباس وسعيد بن جبير والضحاك٥ بن مزاحم وزيد بن أسلم٦ وعبد الأعلى بن عبد الله بن مسلم بن يسار وعطاء بن السائب٧ وابن يسار :"إِلَّا مَنْ ظَلَمَ"٨ بفتح الظاء واللام.
قال أبو الفتح : ظَلَم وظُلِم جميعًا على الاستثناء المنقطع؛ أي : لكن من ظلم فإن الله لا يخفى عليه أمره، ودل على ذلك قوله :﴿وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا﴾.
ومن ذلك قراءة مالك بن دينار وعيسى الثقفي وعاصم الجحدري :"والمقيمون"٩ بواو.
٢ سورة النساء : ١٤٣.
٣ للبعيث بن حريث. الحماسة : ١/ ١٤٨، والبحر : ٣/ ٣٧٧.
٤ سورة النساء : ١٤٣.
٥ هو الضحاك بن مزاحم أبو القاسم، ويقال : أبو محمد الهلالي الخراساني، تابعي، وردت عنه الرواية في حروف القرآن، سمع سعيد بن جبير وأخذ عنه التفسير، توفي سنة ١٠٥. طبقات القراء : ١/ ٣٣٧.
٦ هو زيد بن أسلم أبو أسامة المدني، مولى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وردت عنه الرواية في حروف القرآن، أخذ عنه القراءة شيبة بن نصاح، مات سنة ١٣٠. طبقات القراء : ١/ ٢٩٦.
٧ هو عطاء بن السائب أبو زيد الثقفي الكوفي، أحد الأعلام، أخذ القراءة عرضًا عن أبي عبد الرحمن السلمي، وأدرك عليًّا، روى عنه شعبة بن الحجاج وغيره، ومات سنة ١٣٦. طبقات القراء : ١/ ٥١٣.
٨ سورة النساء : ١٤٨.
٩ سورة النساء : ١٦٢.