ومن ذلك قراءة أبي رزين :"مُكْلِبين"١ ساكنة الكاف.
قال أبو الفتح : ينبغي أن يكون "مُكْلبين" من قولهم : آسدتُ الكلب؛ أي : أغريته، وكذلك إكلاب الجوارح هو إغراؤها بالصيد وإسآدها عليه٢ ليكون كالكلب الكلِب، كلِب وأكلبته كضرِي "٤٨ظ" وأضريته، وغَرِي وأغريته، وأَسِدَ وآسدته، وعَرِص وأعرصته٣، وهَبِصَ وأَهْبَصْتُه٤.
ومن ذلك ما رواه عمرو عن الحسن :"وَأَرْجُلُكُم"٥ بالرفع.
قال أبو الفتح : ينبغي أن يكون رفعه بالابتداء والخبر محذوف، دل عليه ما تقدمه من قوله سبحانه :﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾ أي : وأرجلُكم واجبٌ غسلُها، أو مفروض غسلُها، أو مغسولة كغيرها، ونحو ذلك. وقد تقدم نحو هذا مما حذف خبره لدلالة ما هناك عليه، وكأنه بالرفع أقوى معنى؛ وذلك لأنه يستأنف فيرفعه على الابتداء، فيصير صاحب الجملة، وإذا نصب أو جر عطفه على ما قبله، فصار لَحَقا وتبعًا، فاعرفه.
ومن ذلك قراءة الجحدري :"وَعَزَرْتُمُوهُمْ"٦ خفيفة.
قال أبو الفتح : عزَرت الرجل أعزِرُه عَزْرًا : إذا حُطتَه وكنفتَه، وعزَّرْتُه : فخَّمت أمره وعظمته، وكأنه لقربه من الأزر وهو التقوية معناه أو قريبًا منه، ونحوه عَزَر٧ اللبنُ وحَزَر : إذا حمَض فاشتد، فانظر إلى تلامح كلام العرب واعْجَبْ.
ومن ذلك قراءة سعيد بن جبير٨ ومجاهد :"قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يُخَافُونَ"٩ بضم الياء.
قال أبو الفتح : يحتمل أمرين :
أحدهما : أن يكون من المؤمنين الذين يُرْهَبون ويُتَّقَوْن
٢ الإسآد : الإغذاذ في السير.
٣ عرص البرق : اضطراب.
٤ هبص : نشط وعجل.
٥ سورة المائدة : ٦.
٦ سورة المائدة : ١٢.
٧ سقطت "عزر" في ك.
٨ هو سعيد بن هشام الأسدي الوالبي مولاهم، التابعي الجليل، عرض على ابن عباس، قتله الحجاج سنة ٩٥، أو سنة ٩٤. طبقات القراء : ١/ ٣٠٥.
٩ سورة المائدة : ٢٣.