أبو الحسن بقوله في مثل عنكبوت من قرأت : قرْأَيوُت بضمة الياء بينه وبين مثال عنكبوت من رميت رَمْيَوُوت. وأصلها رَمْيَيُوت، وقد مضى هذا في موضعه.
وأما "الصابُونَ" و"مُتَّكُون" فعلى إبدال الهمزة ألبتة، فصارت كالصابون من صبوت، وكمتَجَنُّون من تَجَنَّيْتُ، والوجه أن يكون الصابيون بلا همز تخفيفًا لا بدلًا، وإن جعلته بدلًا مُراعي به أولية حاله كقرْأَيوت جاز أيضًا.
ومن ذلك قراءة عثمان وأُبي بن كعب وعائشة وسعيد بن جبير والجحدري رضي الله عنهم :"والصابِيين" بياء.
قال أبو الفتح : الخطب في هذا أيسر من "الصابيون" بالرفع؛ لأن النصب على ظاهره؛ وإنما الرفع يحتاج إلى أن يقال : إنه مقدم في اللفظ مؤخر في المعنى على ما يقال في هذا، حتى كأنه قال : لا خوف عليهم ولاهم يحزنون والصابئون كذلك.
ومن ذلك قراءة يحيى والنخعي :"ثُمَّ عُمُوا وَصُمُّوا"١ بضم العين والصاد.
قال أبو الفتح : يجب أن يكون هذا على تقدير فُعِلَ، كقولهم : زُكِمَ وأزكمه الله، وحُمَّ وأَحَمَّه الله، فكذلك هذا أيضًا، جاء على عُمِي وصُمَّ، وأعماه الله وأصمه الله، ولا يقال : عَمَيتُه ولا صَممْته، كما لا يقال : زكَمه الله ولا حَمَّه، فاعرف ذلك.
ومن ذلك قراءة جعفر بن محمد :"مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهَالِيكُمْ"٢.
قال أبو الفتح : يقال أَهل وأَهْلَة، قال :
وأَهْلةِ وُدٍّ قد تَبَرَّيْتُ ودَّهم وأبليتهم في الحمد جهدي ونائلي٣
٢ سورة المائدة : ٨٩.
٣ لأبي الطمحان القيني، وهو حنظلة بن الشرقي، شاعر إسلامي. ويروى :"في الجهد بذلي" مكان "في الحمد جهدي". تبريت لمعروفه تبريًّا : تعرضت له، أو تبريت : تكشفت وفتشت، يريد : أنه فتش عن صحة ودهم ليعلمه، فيجيزهم به، أبليتهم : وصلتهم ومنحتهم. والمعنى : رب من هو أهل للود تعرضت له، وبذلك في ذلك طاقتي من نائل. الخزانة : ٣/ ٤٢٤.