ومثل العُدُوِّ والعَدْوِ من التعدي الرُّكوب والرَّكب، قال :
أو رَكب البراذين
يريد : ركوب.
ومن ذلك قراءة الحسن وأبي رجاء وقتادة وسلام ويعقوب وعبد لله بن يزيد والأعمش والهمذاني :"وَيَذَرْهُم"١ بالياء وجزم الراء.
قال أبو الفتح : قد تقدم ذكر إسكان المرفوع تخفيفًا، وعليه قراءة مَن قرأ أيضًا :"وَمَا يُشْعِرْكُم"٢ بإسكان الراء، وكأن "يشعرْكم" أعذر من "يَذَرْهُم"؛ لأن فيه "٥٣ظ" خروجًا من كسر إلى ضم، وهو في "يَذَرْهُم" خروج من فتح إلى ضم.
ومن ذلك قراءة عطية العَوْفِي :"وقدْ فَصَلَ لكم"٣ خفيفة.
قال أبو الفتح : هو من قولك : قد فَصَلَ إليكم وخرج نحوكم.
ومن ذلك قراءة الحسن وابن شرف :"ولْتَصْغَى، ولَيَرْضَوْه، ولْيَقْتَرِفُوا"٤ بجزم اللام في جميع ذلك.
قال أبو الفتح : هذه اللام هي الجارة؛ أعني : لام كي، وهو معطوفة على الغرور من قول الله تعالى :﴿يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا﴾ أي : للغرور "وَلِأَنْ تصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ"، إلا أن إسكان هذه اللام شاذ في الاستعمال على قوته في القياس؛ وذلك لأن هذا الإسكان إنما كثر عنهم في لام الأمر نحو قوله تعالى :﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا﴾٥، وإنما أُسكنت تخفيفًا لثقل الكسرة فيها، وفرقوا بينها وبين لام كي بأن لم يسكنوها، فكأنهم إنما اختاروا
٢ في إتحاف فضلاء البشر ١٢٩ : وقرأ "يشعرْكم" بإسكان الراء وباختلاس حركتها أبو عمرو من روايتيه.
٣ سورة الأنعام : ١١٩.
٤ سورة الأنعام : ١١٣.
٥ سورة الحج : ٢٩.