القراءة الأخرى :"خَالِصٌ لذكورنا"، والقراءة الأخرى :"خالِصُه لِذكورنا"١، ألا تراه اسم فاعل وإن كان مضافًا؟ لكن الكلام في نصب خَالِصًا وخالِصةً، وفيه جوابان :
أحدهما : أن يكون حالًا من الضمير في الظرف الجاري صلة على "ما"، كقولنا : الذي في الدار قائمًا زيد.
والآخر : أن يكون حالًا من "ما" على مذهب أبي الحسن في إجازته تقديم الحال على العامل فيها إذا كان معنى بعد أن يتقدم صاحب الحال عليها، كقولنا : زيد قائمًا في الدار.
واحتج في ذلك بقول الله تعالى :﴿وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾٢، فيجوز على هذا في العربية لا في القراءة؛ لأنها سنة لا تُخالَف "وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٍ بِيَمِينِهِ"٣.
فإن قلت : فهل يجوز أن يكون "خالصًا" "وخالصةً" حالًا من الضمير في لنا؟٤ قيل : هذا غير جائز؛ وذلك أنه تَقدَّم على العامل فيه وهو معنى وعلى صاحب الحال، وهذا ليس على ما بَيَّنَا.
ولا يجوز أن يكون "خالصةً" حالًا من الأنعام؛ لأن المعنى ليس عليه، ولعزَّة الحال من المضاف إليه.
ومن ذلك قراءة على - عليه السلام - والأعرج وعمرو بن عبيد :"خُطُؤات"٥ بالهمز مثقلًا، وقرأ :"خَطَوات" أبو السمال.
قال أبو الفتح : أما "خُطُؤات" بالهمز فواحدها خُطْأَة؛ بمعنى الخَطَأ، أثبت ذلك أحمد بن يحيى.
وأما "خَطَوات" فجمع خَطْوة، وهي الفَعْلَة الواحدة من خَطوت، كغزوت غزوة، ودعوت دعوة. والمعنى : لا تتبعوا خَطوات الشيطان؛ أي : آثاره، لا تقتدوا به، وتقديره على هذا حذف المضاف؛ أي : لا تتبعوا مواضع خَطوات الشيطان.
وإن شئت أجريته على ظاهره من غير تقدير حذف كقولك : لا تتبع أفعال المشركين "٥٥ظ"
٢ سورة الزمر : ٦٧.
٣ من الآية السابقة.
٤ الآية :"لذكورنا" كما تقدم.
٥ سورة الأنعام : ١٤٢.