ولا تأْتَم بأديان الكافرين. ومن قرأ :"خُطُوات" بلا همز فأمره واضح، وهو جمع خُطْوة، وهي ذَرْع ما بين القدمين، وهذا واضح.
ومن ذلك قراءة طلحة :"الضَّأَن"١ بفتح الهمزة.
قال أبو الفتح : الضَّأْنُ جمعٌ، واحدته ضائِن وضائنة، وصرَّفوا فعله فقالوا : ضَئِنَت العَنْز ضَأَنًا، إذا أشبهت الضأن. وأما الضَّأَن بفتح الهمزة في هذه القراءة، فمذهب أصحابنا فيه وفي مثله مما جاء في فَعْل وفَعَل وثانيه حرف حلق؛ كالنهْر والنهَر، والصخْر والصخَر، والنعْل والنعَل، وجميع الباب، أنها لغات كغيرها مما ليس الثاني فيه حرفًا حلقيًّا، كالنشْز والنشَز، والقص والقصَص.
ومذهب البغداديين أن التحريك في الثاني من هذا النحو إنما هو لأجل حرف الحلق، وقد ذكرنا ذلك فيما مضى من هذا الكتاب وغيره، ويؤنسني بصحة ما قالوه أني أسمع ذلك فاشيًا في لغة عُقيل، حتى لسمعت بعضهم يومًا قال : نَحَوَه، يريد : نَحْوه. فلو كانت الفتحة في الحاء هنا أصلًا معتزمة غير إتباع لكونها حرفًا حلقيًّا لوجب إعلال اللام التي هو واو ألفًا؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها، كغَضَاة وشَجَاة٢، فكان يقال : نحاة، وهذا واضح، غير أن لأصحابنا ألا يقبلوا من اللغة إلا ما رُوي عن فصيح موثوق بعربيته، ولست أُثبت هذه الفصاحة المشروطة لمن سمعت منه هذه اللفظة؛ أعني : نَحَوَه.
ومن ذلك قراءة ابن يعمر :"تَمَامًا عَلَى الَّذي أَحْسَنُ"٣.
قال أبو الفتح : هذا مستضعف الإعراب عندنا؛ لحذفك المبتدأ العائد على الذي؛ لأن تقديره : تمامًا على الذي هو أحسن، وحذْف "هو" من هنا ضعيف؛ وذلك أنه إنما يُحذف من صلة الذي الهاء المنصوبة بالفعل الذي هو صلتها، نحو : مررت بالذي ضربتَ؛ أي : ضربتَه، وأكرمتَ الذي أهنتَ؛ أي : أهنتَه، فالهاء ضمير المفعول، ومن المفعول بُدٌّ، وطال الاسم بصلته، فحذفت الهاء لذلك، وليس المبتدأ بنيِّف ولا فضلة فيحذف تحفيفًا، لاسيما وهو عائد الموصول،
٢ الغضاة : واحدة الغضا لنوع من الشجر، أما الشجاة فلم نعثر عليها فيما بين أيدينا من معاجم.
٣ سورة الأنعام : ١٥٤.